للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبين صفة وضوئه مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا، أو تنويع في ذلك؛ قال ابن عبد البر (١) رحمه الله تعالى: وأجمع العلماء أن غسلة واحدة في الرجلين وسائر أعضاء الوضوء تجزئ إذا كانت سابغةاه. (ولكنه أكثر ما يفعل)؛ أي: ولكن التحديد بالثلاث أكثر ما يفعله المتوضئ لكثرة وروده عن النبي وأصحابه، ولا فضيلة فيما زاد على الثلاث. قال ميارة (٢): قال في التوضيح ونحوه في المقدمات إن عبد الوهاب، واللخمي، والمازري، قالوا بل تمنع، ونقل سند على المنع اتفاق المذهب وفي المذهب قول بالكراهة - فوجه الكراهة أنه من جهة السرف في الماء، ووجه المنع نهيه عن الزيادة، وقد تقدم حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وفيه: « … فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم - أو ظلم وأساء» واللفظ لأبي داود.

(ومن كان يوعب)؛ أي: يسبع أعضاء الوضوء (بأقل من ذلك)؛ أي: من ثلاث غسلات (أجزأه)؛ أي: ذلك الأقل (إذا أحكم ذلك)؛ أي: أتقن ذلك الفعل. وقد حدد الأكثر ولم يحدد الأقل، لأن الأقل لما كان محصورا في الواحدة والاثنتين فحاله معلوم فلا حاجة للتنبيه عليه. (وليس كل الناس في إحكام ذلك سواء)؛ أي: ليس كل الناس في إتقان ذلك الغسل سواء، فمن لم يحكم بالواحدة لا تجزئه، ويتعين في حقه ما يحكم به، فإن كان لا يسبغ، إلا باثنتين نوى بهما الفرض وبالثالثة الفضيلة. وإن كان لا يسبغ إلا بالثلاث نوى بها الفرض وسقط ندب ما زاد.

تنويه: قال النووي: وقد أجمع المسلمون على أن الواجب في غسل الأعضاء مرة مرة، وعلى أن الثلاث سنة، دليل على جواز ذلك كله، وأن الثلاث هي الكمال والواحدة تجزئ (٣).


(١) الاستذكار (١/ ١٣٣).
(٢) التوضيح (٢٣٤)، وانظر: الدر الثمين (١/ ٩٣).
(٣) شرح النووي على مسلم (٣/ ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>