للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يكاد يداخله)؛ أي: ويدلك كل ما لا يداخله (الماء بسرعة)، فيكاد زائدة.

(من جساوة) بيان لما لا يداخله الماء بسرعة، والجساوة بجيم وسين مهملة مفتوحتين غلظ في الجلد نشأ عن قشف، (أو شقوق)؛ أي: تفاتيح تكون من غلبة السوداء أو البلغم (١) (فليبالغ بالعرك)؛ أي: فليتعهدها بالدلك (مع صب الماء بيده)، وكذلك التكاميش التي تكون من استرخاء الجلد في أهل الأجسام الغليظة. (فإنه جاء الأثر) (٢) في «الصحيحين»: عن عبد الله بن عمرو قال: «تخلف عنا النبي في سفرة سافرناها فأدركنا - وقد أرهقتنا الصلاة - ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: «ويل للأعقاب من النار» (٣) مرتين أو ثلاثا» (٤) وفي الكلام حذف مضاف تقديره لصاحب الأعقاب من النار. وهذا لا يختص بالأعقاب خاصة، بل شامل لكل لمعة تبقى في أعضاء الوضوء. وإنما قال النبي هذا حين رأى أعقاب الناس تلوح ولم يمسها ماء الوضوء.

(وعقب الشيء طرفه)؛ أي: عقب الشيء طرفه بفتح الراء وهو آخره (ثم يفعل بالرجل اليسرى مثل ذلك)؛ أي: مثل ما فعل في اليمنى سواء بسواء. ولم يبين منتهى الغسل في الرجلين ومنتهاه الكعبان الناتئان في جانبي الساقين، والمشهور دخولهما في الغسل، لقوله تعالى: ﴿إلى الكعبين﴾ والدليل على دخولهما حديث نعيم بن عبد الله المجمر، قال: «رأيت أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق»،


(١) السوداء: هي أحد الأخلاط الأربعة: الصفراء والدم والسوداء، والبلغم، والسوداء تخرج من المعدة كالدم الخالص؛ والبلغم: المخاط النازل من الرأس إلى الحلق.
(٢) الأثر في اصطلاح المتقدمين يطلق على المرفوع للنبي وعلى الموقوف.
(٣) (تخلف) تأخر خلفنا. (أرهقتنا) أعجلتنا لضيق الوقت. (نمسح) نغسل غسلا خفيفا كأنه مسح. (ويل) عذاب وهلاك.
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>