بالماء كما تفعله النساء وعوام الرجال. (غاسلا له بيديه) يستفاد منه أشياء:
فيستفاد منه أن مقارنة الغسل لنقل الماء إلى العضو المغسول شرط للاستحباب في الوضوء بدليل الحالية التي تفيد المقارنة.
ويستفاد منه أيضا أنه يباشر ذلك بنفسه، قال الأزهري: فلو وكل غيره على الوضوء لغير ضرورة لا يجزئه لأنه من أفعال المتكبرين، أما إذا كان الأمر يقتصر على صب الماء فلا بأس؛ قال التتائي: وتجوز النيابة على تفريغ الماء لا على غسل الأعضاء، فقد صح عن النبي ﷺ أن بعض أصحابه كانوا يصبون عليه الماء ليتوضأ منها حديث أسامة والمغيرة في البخاري، وبوب عليه «باب الرجل يوضئ صاحبه»(١).
(من أعلى جبهته) متعلق بغاسلا، كما في حديث علي ﷺ وفيه:«ثم أخذ بكفه اليمنى قبضة من ماء فصبها على ناصيته فتركها تستن على وجهه»(٢)، أي: أن السنة أن يبدأ في غسل الأعضاء من أولها، فإن بدأ من أسفلها أجزأه وبئس ما صنع؛ أي: يكره.
(وحده منابت شعر رأسه) تفسير لأعلى الجبهة، أعلاه حده منابت شعر الرأس المعتاد، فلا يعتبر الأغم (الذي نبت بعض الشعر على جبهته) ولا الأصلع (الذي انحسر الشعر عن مقدمة رأسه)، فيدخل موضع الغمم في الغسل ولا يدخل موضع الصلع وفهم من قوله: منابت إلخ أنه لا بد من غسل جزء من الرأس ليتحقق الواجب، (إلى طرف ذقنه) الوجه له طول وله عرض فأول طوله من منابت شعر الرأس المعتاد وآخره طولا إلى طرف ذقنه، وهو مجمع اللحيين بفتح اللام وهو ما تحت العنفقة. ولا خلاف في دخوله
(١) انظر: الفتح (١/ ٣٤٢). وقد وقع لي مع شيخي العلامة محمد سالم ولد عدود رحمه الله تعالى أنني أردت يوما أن أصب عليه الماء ليتوضأ فقال لي: هذا يؤدي إلى السرف في الماء فقد اعتدت أن أصب على نفسي ودعا لي، وهذا من تربيتهم وتعليمهم لي فرحمهم الله تعالى. (٢) رواه أبو داود (١١٧).