المتلبس بأعمال الوضوء بعد فراغه من المضمضة يستنشق بأن يجذب الماء إلى أعلى منخريه لحديث مسلم:«فليستنشق بمنخريه الماء»(١)، فإن كان صائما فلا يبالغ لحديث لقيط بن صبرة له أن النبي ﷺ قال له:«وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما»(٢)؛ (ويستنثره ثلاثا) فعن أبي غطفان، قال: دخلت على ابن عباس فوجدته يتوضأ، فمضمض واستنثر، ثم قال: قال رسول الله ﷺ: «استنثروا اثنتين بالغتين أو ثلاثا»(٣)، وعن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال:«إذا توضأ أحدكم، فليجعل في أنفه ماء، ثم ليستنثر»(٤).
والمشهور أنه سنة على انفراده وصفة الاستنثار أن يجعل السبابة والإبهام من يده اليسرى على أنفه، ويرد الماء بريح الأنف كما يفعل في امتخاطه. وكره عند مالك امتخاطه كامتخاط الحمار لوقوع النهي عنه في الحديث (٥).
(ويجزئه أقل من ثلاث)؛ أي: يكفيه أقل من ثلاث (في المضمضة والاستنشاق) والأقل صادق بالمرة الواحدة والثنتين. لحديث ابن عباس ﵁:«أن رسول الله ﷺ توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا»(٦)(وله جمع ذلك في غرفة واحدة)؛ أي: للمتوضئ أن يجمع بين المضمضة والاستنشاق في غرفة واحدة لحديث عبد الله بن زيد ﵁: «توضأ لنا وضوء رسول الله ﷺ: فدعا بإناء فأكفأ منها على يديه فغسلهما ثلاثا، ثم أدخل يده فاستخرجها فمضمض، واستنشق من كف واحدة ففعل ذلك ثلاثا، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل وجهه ثلاثا، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل يديه إلى
(١) رواه مسلم (٥٨٤). (٢) أبو داود (١٤٢)، والنسائي (١/ ٦٦)، والترمذي (٣٨)، وقال: «هو حديث حسن صحيح». (٣) أخرجه أحمد (١/ ٢٢٨) رقم (٢٠١١)، وأبو داود (١/ ٣٥) رقم (١٤١)، وابن ماجه (١/ ١٤٣) رقم (٤٠٨) والحديث حسن. (٤) رواه مالك في الموطأ (٣٢)، والبخاري (١٦٢)، ومسلم (٥١٣). (٥) التمهيد (٩/ ٢٢٠). (٦) رواه البخاري (١٥٧)، وأبو داود (١٣٨)، والترمذي (٤٢).