للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستبراء إن لم يبعد ما بين الدمين فإن بعد ما بينهما بعدا بينا بأن يكون أقل زمن الطهر وهو ثمانية أيام عند سحنون أو عشرة عند حبيب، وإن كان المشهور خمسة عشر يكون الثاني منهما حيضا مؤتنفا؛ أي: مبتدأ تعتد به وحده في العدة والاستبراء، وعليه المختصر قال التتائي: وقول المصنف: (أو) ليست للتخيير وإنما للإخبار بأن في المسألة قولا آخر (١).

(ومن تمادى بها الدم بلغت خمسة عشر يوما)؛ يعني: أن من استرسل عليها نزول الدم فإنها تتربص خمسة عشر يوما إن كانت مبتدأة لأن أكثر الحيض في حقها خمسة عشر يوما، (ثم هي) في حكم الـ (مستحاضة) بعد ذلك، ميزت بين الدمين أولا، فـ (تتطهر وتصوم وتصلي ويأتيها زوجها) لحديث أم سلمة زوج النبي أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله ، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله فقال: «لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها، فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت (٢) ذلك فلتغتسل، ثم لتستغفر (٣) بثوب، ثم لتصل فيه» (٤)، وقولنا إن كانت مبتدأة احتراز عن غير المبتدأة، فإن فيها تفصيلا لأنها إما أن تختلف عادتها أو لا، فإن لم تختلف، واسترسل عليها الدم أكثر من عادتها استظهرت بثلاثة أيام ما لم تجاوز خمسة عشر يوما، وإن اختلفت استظهرت على أكثر عادتها وقد استفاض عن السلف من التابعين فمن بعدهم أن أكثر المتمادي من الدم خمسة عشر يوما (٥)، قال ابن عباس:


(١) تنوير المقالة (٤٢٣/ ١).
(٢) (فإذا خلفت ذلك) من التخليف؛ أي: تركت أيام الحيض الذي كانت تعهده وراءها.
(٣) الاستثفار: هو أن تشد المرأة فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطنا، وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها، فتمنع بذلك سيل الدم.
(٤) رواه مالك في الموطأ (١٣٦)، وأحمد (٢٦٥٩٣)، وأبو داود (٢٤٠).
(٥) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (٣٢١/ ١) منهم: عطاء والحسن وغيرهم. (باب أكثر الحيض)، ط: الباز.

<<  <  ج: ص:  >  >>