وصفة الاستئذان أن تقول: إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وأنت مسلم فلا تظهر لنا خلاف اليوم ولا تؤذنا فإن ظهرت لنا قتلناك.
قال القرطبي: قال مالك: أحب إلي أن ينذروا ثلاثة أيام. وقاله عيسى بن دينار، وإن ظهر في اليوم مرارا. ولا يقتصر على إنذاره ثلاث مرار في يوم واحد حتى يكون في ثلاثة أيام. وقيل: يكفي ثلاث مرار، لقوله ﵇: فليؤذنه ثلاثا، وقوله:«حرجوا عليه ثلاثا ولأن ثلاثا للعدد المؤنث، فظهر أن المراد ثلاث مرات. وقول مالك أولى، لقوله ﵇: «ثلاثة أيام». قال مالك: ويكفي في الإنذار أن يقول: أحرج (١) عليك بالله واليوم الآخر ألا تبدوا لنا ولا تؤذونا. وذكر ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه ذكر عنده حيات البيوت فقال: إذا رأيتم منها شيئا في مساكنكم فقولوا: أنشدكم بالعهد الذي أخذ عليكم نوح ﵇، وأنشدكم بالعهد الذي أخذ عليكم سليمان ﵇، فإذا رأيتم منهن شيئا بعد فاقتلوه».
قلت: وهذا يدل بظاهره أنه يكفي في الإذن مرة واحدة، والحديث يرده. والله أعلم. وقد حكى ابن حبيب عن النبي ﷺ أنه يقول:«أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكن سليمان ﵇ ألا تؤذينا وألا تظهرن علينا»(٢)، (ولا تؤذن) الحيات (في الصحراء) ونحوها كالطرقات (ويقتل ما ظهر منها) في الحل والحرم بغير استئذان لحديث ابن مسعود ﵁ قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من قتل حية فكأنما قتل رجلا مشركا قد حل دمه»(٣)، وحديث ابن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «من قتل حية، فله سبع حسنات، ومن
(١) التحريج: أي في حرج ومشقة وضيق إن ظهرت مرة أخرى. (٢) الجامع لأحكام القرآن القرطبي (١/ ٣١٧) عند تفسير قوله تعالى: ﴿فأخرجهما مما كانا فيه﴾ [البقرة: ٣٦]. (٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٧/ ٢/ ١٧٢)، وأحمد (١/ ٣٩٥ و ٤٢١)، وأبو يعلى في مسنده (١/ ٢٥٦)، والطبراني في الكبير (٣/ ١/ ٦٤)، ورواه البزار (١٢٢٩ - كشف الأستار)، وضعفه الألباني كما في السلسلة الضعيفة (٤٦٢٧)، وانظر: التمهيد حيث نقل خلاف العلماء في قتل الحيات (١٦/ ٢٣).