أو قريبا من فتنة الدجال لا أدري أيتهما قالت أسماء: يؤتى أحدكم فيقال له ما علمك بهذا الرجل فأما المؤمن أو الموقن لا أدري أي ذلك، قالت أسماء فيقول: هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وآمنا واتبعنا، فيقال له نم صالحا قد علمنا إن كنت لمؤمنا وأما المنافق أو المرتاب لا أدري أيتهما قالت أسماء فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته (١)، قال الباجي رحمه الله تعالى: وقوله: ﴿ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور﴾ بيان أنه أعلم بذلك في ذلك الوقت، والفتنة الاختبار وليس الاختبار بالقبر بمنزلة التكليف والعبادة، وإنما معناه إظهار العمل وإعلام بالمال والعاقبة كاختبار الحساب، لأن العمل والتكليف قد انقطعا بالموت، قال مالك ومن مات فقد انقطع عمله وفتنة الدجال بمعنى التكليف والتعبد لكنه شبهها بها لصعوبتها وعظم المحنة فيها وقلة الثبات معها (٢).
وروى عبد الرزاق في «مصنفه» عن ابن جريج قال: قال عبد الله بن عمر ﵄: «إنما يفتتن رجلان مؤمن ومنافق، أما المؤمن فيفتن سبعا، وأما المنافق فيفتن أربعين صباحا، وأما الكافر فلا يسأل عن محمد ولا يعرفه». قال ابن جريج:«وأنا أقول: قد قيل في ذلك، فما رأينا مثل إنسان أغفل هالكه سبعا أن يتصدق عنه»(٣).
وأما الشهيد فلا يفتن في قبره فعن راشد بن سعد، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ:«أن رجلا قال يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد، قال: كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة»(٤).
(١) أخرجه مالك في «الموطأ» (١٣٣)، والبخاري (١٨٤)، ومسلم (١٣٤٧). (٢) المنتقى للباجي (١/ ٤٥٦). (٣) مصنف عبد الرزاق (٦٧٥٧). وأخرج الإمام أحمد في كتاب الزهد عن طاوس قال: إن الموتى يفتنون في قبورهم سبعا فكانوا يستحبون أن يطعم عنهم تلك الأيام، كذا في شرح الصدور (٥٤). (٤) أخرجه النسائي (٤/ ٩٩)، وفي «الكبرى» (٢١٩١).