يجب الإيمان بسؤال القبر وفتنته، وضيق القبر وضغطته، ونعيمه وعذابه وذلك أن كل ميت يفتن في قبره إلا الشهيد كما تقدم، والمراد سؤال الملكين، وما أعظمها من فتنة لمن لم يثبته الله، اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد، وذلك أن الميت إذا وضع في قبره وانصرف الناس عنه يأتي إليه ملكان فيجلسانه ويسألانه، فعن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال:«إذا قبر الميت - أو قال: أحدكم - أتاه ملكان أسودان أزرقان، يقال لأحدهما: المنكر، وللآخر: النكير، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: ما كان يقول: هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول هذا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين، ثم ينور له فيه، ثم يقال له، نم، فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم، فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك، وإن كان منافقا قال: سمعت الناس يقولون، فقلت مثله، لا أدري، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض: التيمي عليه، فتلتئم عليه، فتختلف فيها أضلاعه، فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك»(١).
إن الواقع على العبد في قبره ثلاثة أشياء: الفتنة، والضغطة، والعذاب أو النعيم، فأما الفتنة، فهي عند أهل اللغة: الامتحان والاختبار، قال عياض: واستعمالها في العرف لكشف ما يكره. اهـ، وقد صح عن النبي ﷺ أن الناس يفتنون في قبورهم؛ فأما المؤمن فيثبته الله، وأما الكافر والمنافق فيضله ويخذله، ففي حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق حين خسفت الشمس فإذا الناس قيام يصلون … وفيه … ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل …
(١) أخرجه الترمذي (١٠٧١)، وقال: «حديث أبي هريرة حديث حسن غريب»، وابن حبان (٣١١٧).