للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سالف ذنبك وعاقبة أمرك ومبادرة ما عسى أن يكون قد اقترب من أجلك).

الشرح

(والتوبة فريضة من كل ذنب، قال تعالى: ﴿ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا﴾ [التحريم: ٨]، وقوله : «يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة»، من حديث ابن عمر (١)، والتوبة هي الندم على ما فات كما جاء عن النبي : «الندم توبة» (٢) والإقلاع عن الذنب في الحال، والنية أن لا يعود.

وقوله: (من غير إصرار) زائد لأن التوبة لا تصلح إلا برفع الإصرار، ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنى تبت الئان ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما﴾ [النساء: ١٨]، والإصرار (المقام) بضم الميم؛ بمعنى: الإقامة (على الذنب، واعتقاد العود إليه) وهو خلاف التوبة النصوح قال تعالى: ﴿ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون﴾ [آل عمران: ١٣٥]، وقال سبحانه: ﴿توبوا إلى الله توبة نصوحا﴾ [التحريم: ٨] قال الحسن: النصوح أن يبغض الذنب الذي أحبه ويستغفر إذا ذكره.

(ومن التوبة رد المظالم) إلى أهلها بأن يدفعها إليهم إن كانت أموالا أو يردها لوارثه فإن لم يجده ولا وجد وارثه تصدق بها على المظلوم، وإن كان أعراضا كقذف استحل المقذوف، فإن خشي انتقامه وغضبه فليكثر من الاستغفار له، وليذكره بخير في المجالس التي أساء له فيها، و) عليه (اجتناب المحارم) وما يوصل إليها، وليتذكر العبد عند المعصية عظمة من يعصي، ولا يستصغر الذنب فذلك أدعى لاستشعار الخوف من الله ومراقبته وقد ضرب النبي مثلا للذنوب الصغيرة تجتمع على العبد فتوبقه فقال بأبي هو وأمي : «إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كقوم نزلوا في بطن واد، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم، وإن محقرات


(١) البخاري في الأدب المفرد (٦٢١)، ومسلم (٦٩٥٨).
(٢) أخرجه الحميدي (١٠٥)، وأحمد (١/ ٣٧٦) (٣٥٦٨)، وابن ماجه (٤٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>