للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرق كثيرة مشهورة بل ثبت من طرق صحيحة متعددة، فمنها ما أخرجه مسلم من حديث ابن عباس أن رسول الله «قضى بيمين وشاهد» (١) وقال مسلم في «التمييز»: «إنه حديث صحيح لا يرتاب في صحته، وقال ابن عبد البر: لا مطعن لأحد في صحته ولا إسناده» (٢). وروى إسماعيل القاضي بسنده عن عبد الرحمن ابن أبي الزناد عن أبيه عن الفقهاء الذين ينتهي إلى قولهم من أهل المدينة كانوا يقولون: «لا تكون اليمين مع الشاهد في الطلاق، ولا العتاق، ولا الفرية»، وقال مالك في «الموطأ»: بلغني أن أبا سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار سئلا: هل يقضى باليمين مع الشاهد فقالا: نعم، قال مالك: مضت السنة في القضاء باليمين مع الشاهد الواحد يحلف صاحب الحق مع شاهده، ويستحق حقه، فإن نكل وأبى أن يحلف أحلف المطلوب، فإن حلف سقط عنه ذلك الحق، وإن أبى أن يحلف ثبت عليه الحق لصاحبه، قال مالك: «وإنما يكون ذلك في الأموال خاصة، ولا يقع ذلك في شيء من الحدود، ولا في نكاح، ولا في طلاق، ولا في عتاقة، ولا في سرقة، ولا في فرية» (٣).

ثم استثنى من عدم قبول الشاهد واليمين في قتل النفس، قوله:

(إلا مع القسامة في النفس) مراده أنه يقضى بالقسامة مع الشاهد الواحد من غير يمين، وإن كان ظاهر اللفظ لا يعطيه، فإن ظاهره أنه لا يقضى بالشاهد واليمين في قتل نفس عمدا إلا مع القسامة في النفس فيقضى بالشاهد واليمين مع القسامة، وهذا لم يقل به أحد.

(وقد قيل يقضى بذلك)؛ أي: بالشاهد واليمين (في الجراح) مطلقا سواء كان عمدا أو خطأ لحكم عمر بن عبد العزيز بذلك، وبقول بعضهم أنه استحسان، وقد اعترض على المصنف بتعريضه لهذا القول مع أنه المشهور، وتقديم غيره عليه مع أنه خلاف المشهور.


(١) مسلم: الأقضية ح (١٧١٢) فؤاد عبد الباقي.
(٢) الفتح (٥/ ٢٨٢) التمهيد (٢/ ١٥٣)، وشرح الزرقاني (٣/ ٤٩٢).
(٣) شرح الزرقاني على الموطأ (٣/ ٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>