للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولحديث ابن عمر عن النبي قال: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضاد الله، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه، لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه» (١).

وعن صفوان بن أمية أن رجلا سرق برده فرفعه إلى النبي : «فأمر بقطعه، فقال: يا رسول الله، قد تجاوزت عنه، قال: فلولا كان هذا قبل أن تأتيني به يا أبا وهب، فقطعه رسول الله » (٢).

ولحديث الزبير بن العوام أنه لقي رجلا قد أخذ سارقا يريد أن يذهب به إلى السلطان فشفع له الزبير ليرسله فقال: لا حتى أبلغ به السلطان.

فقال الزبير: «إنما الشفاعة قبل أن يبلغ السلطان، فإذا بلغ السلطان فلعن الله الشافع والمشفع» (٣)، وفي رواية الدارقطني وقال: «فإذا بلغ السلطان فلا أعفاه الله إن أعفاه» (٤).

قال ابن عبد البر : «لا أعلم خلافا أن الشفاعة في ذوي الذنوب حسنة جميلة، ما لم تبلغ السلطان وأن عليه إذا بلغته إقامتها» (٥).

وإن تاب الزاني والسارق يدل على عدم جواز العفو حديث ماعز والغامدية. (واختلف في ذلك)؛ أي: في الشفاعة بعد بلوغ الإمام (في القذف) فقال مالك مرة: يجوز بناء على أن القذف حق للمقذوف، ومرة قال: لا يجوز بناء على أنه حق الله تعالى. وأما قبل بلوغ الإمام فيجوز على المعتمد.

(ومن سرق من الكم) ونحوه كالجيب والعمامة والحزام (قطع) لأن الإنسان حرز لما عليه.


(١) رواه أبو داود (٣٥٩٧).
(٢) رواه النسائي (٨/ ٦٨)، وفي الكبرى (٧٣٢٤).
(٣) مالك في الموطأ (١٥٢٥) واللفظ له، وانظر: أحاديث في الباب في فتح الباري (١٢/ ٧٨).
(٤) الدارقطني (٣٦٣) (٤/ ٢٠٤)، وانظر: شرح الزرقاني (٤/ ١٩٤).
(٥) الاستذكار (٧/ ٤٦٦) ونقله الزرقاني في الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>