للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإحدى ثلاث خصال: زان محصن يرجم، أو رجل قتل رجلا متعمدا فيقتل، أو رجل يخرج من الإسلام يحارب الله ﷿ ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض» (١).

فهؤلاء الأعراب عملوا أعمالا شنيعة، دلت على فساد قلوبهم وخبث طويتهم. فقد ارتدوا عن الإسلام، وجزاء المرتد القتل، وقتلوا الراعي القائم بخدمتهم، وسملوا عينيه بغير حق. وسرقوا الإبل التي هي لعامة المسلمين، فهذا غلول وسرقة وخيانة. وحاربوا الله ورسوله، بقطع الطريق، لإفساد في الأرض، وكفروا نعمة الله تعالى وهي العافية - بعد المرض، والسمن بعد الهزال. فكانوا بهذا مستحقين لعذاب يقابل فعلهم ليردع من لم يدخل الإيمان قلبه من الجفاة.

أما سجن المحارب بالبلد التي ينفى إليها فلئلا يقطع الطريق بها أيضا، وتحصل منه إذاية للناس فكان من اللائق حبسه حتى يموت.

والقتل يكون على الوجه المعتاد بالسيف أو الرمح بوضعه في لبته، والصلب الربط على الجذع ويكون قائما غير منكس، ومعنى القطع من خلاف أن تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى، فإن حارب بعد ذلك قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى، فإن حارب بعد ذلك قتل.

(فإن لم يقدر)؛ أي: لم يظهر (عليه حتى جاء) إلى الإمام (تائبا وضع عنه كل حق هو لله) تعالى (من ذلك)؛ أي: من عقوبات الحرابة وهي القتل وما ذكر معه في الآية لقوله تعالى: ﴿إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم﴾ [المائدة: ٣٤]. وأما حقوق الآدميين وحقوق الله في غير الحرابة كحد الزنى وشرب الخمر فلا يوضع عنه شيء منها، وإلى هذا أشار بقوله: (وأخذ بحقوق الناس) التي جناها في حال حرابته (من مال أو دم) لأن التوبة لا تأثير لها في حقوق الآدميين فيؤخذ منه المال إن وجد واتبع به إن أعدم. (وكل واحد من اللصوص ضامن لجميع ما سلبوه من الأموال) والمراد به المحارب وليس


(١) النسائي (٤٠٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>