للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرح

انتقل يتكلم على العارية وهي: بتشديد المثناة التحتية وتخفيفها ويقال: عارة وهي مأخوذة من عار الفرس إذا ذهب، لأن العارية تذهب من يد المعير، أو من العار لأنه لا يستعير أحد إلا وبه عار وحاجة (١). واصطلاحا: عرفها ابن الحاجب بأنها تمليك منافع العين بغير عوض (٢) وحكمها الندب، وتتأكد في القرابة والجيران والأصحاب، والأصل فيها قوله تعالى: ﴿وافعلوا الخير لعلكم تفلحون﴾ [الحج: ٧٧]، وفي الحديث: «أنه استعار من صفوان درعه فقال: أغصبا يا محمد؟ قال: «بل عارية مضمونة» (٣)، وإلى هذا أشار الشيخ بقوله: (والعارية مؤداة) كما قال النبي : «العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم» (٤). (العارية مؤداة)؛ أي: واجبة الرد على مالكها عينا حال الوجود وقيمة عند التلف وهو مذهب الشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة: هي أمانة في يده لا تضمن إلا بالتعدي، وقال مالك: إن خفي تلفها ضمن وإلا فلا والعارية مشددة الياء مأخوذة من العار منسوبة إليه فإنهم يرون الاستعارة عارا وعيبا، وقيل: هي من التعاور وهو التداول (والمنحة مردودة) هي ما يمنح الرجل صاحبه من أرض يزرعها ثم يردها أو شاة يشرب درها ثم يردها وهي في معنى العارية وحكمها الضمان» (٥).

وروى البيهقي أن عطاء بن أبي رباح أنه أخبر عن تفسير العارية مؤداة قال: أسلم قوم في أيديهم عواري من المشركين فقالوا: قد أحرز لنا الإسلام


(١) انظر: التوضيح (٤٨٥/ ٦)، وسبل السلام للصنعاني (٣/ ٦٧).
(٢) جامع الأمهات (٤٠٦).
(٣) أبو داود (٣٥٦٢)، والنسائي في «الكبرى» (٥٧٤٧)، وصححه الألباني.
(٤) أبو داود من حديث أبي أمامة، والنسائي في «الكبرى» (٥٧٤٤)، وصححه الألباني. انظر: حديث رقم (٤١١٥) في صحيح الجامع.
(٥) التيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي (٢/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>