قال المصنف رحمه الله تعالى:(ومن أعمر رجلا حياته)؛ أي: حياة الرجل (دارا رجعت بعد موت الساكن ملكا لربها) أو لوارثه إن مات. لحديث جابر ﵁ قال:«إنما العمرى التي أجاز رسول الله ﷺ أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت، فإنها ترجع إلى صاحبها»(١) وزاد: وكان الزهري يفتي به، ولما رواه مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولا الدمشقي يسأل القاسم بن محمد عن العمرى، ما يقول الناس فيها؟ فقال القاسم بن محمد:«ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا»(٢).
وروي أيضا عن نافع أن عبد الله بن عمر ورث من حفصة بنت عمر ﵃ دارها قال: وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب ما عاشت، فلما توفيت بنت زيد قبض عبد الله بن عمر المسكن ورأى أنه له (٣).
وأما من جهة القياس فلأن تعليق الملك بوقت معين يقتضي تمليك المنافع دون الرقبة، لأن تعليق الملك لوقت ينتهي إليه يمنع ملك الرقبة كمالك رقبة لمجيء زيد أو نزول المطر كذا قالوا ولا يخفى ما فيه (٤)(وكذلك إن أعمرها عقبه)؛ أي: عقب الرجل (فانقرضوا) فإنها ترجع ملكا لربها أو لوارثه إن مات. فحقيقة العمرى في العرف؛ أي: عرف أهل الشرع هبة منافع الملك مدة عمر الموهوب له أو مدة عمره عمر عقبه لا هبة الرقبة، ولا يتعين التقييد بعمر الموهوب له، بل لو قيد بعمر المعمر كانت عمرى أيضا (بخلاف الحبس) فإنه لا يرجع بعد موت المحبس عليه ملكا لربه بل يكون حبسا على أقرب الناس بالمحبس، وإنما فارق الحبس العمرى لأن الحبس تمليك الرقاب، والعمرى تمليك المنافع (٥).
(١) مسلم (٤٢٧٨)، والبيهقي (١٢٣١٧). (٢) شرح الزرقاني (٤/ ٦٢). (٣) نفس المرجع والصفحة السابقين. (٤) قاله الغماري (٣١٣) مسالك الدلالة. (٥) وانظر: القبس (٢/ ٩٤٣).