للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأوصى يوصي أيضا. وهي - لغة - الأمر، قال الله تعالى: ﴿ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب﴾ [البقرة: ١٣٢].

وشرعا: وهي في عرف الفقهاء: عقد يوجب حقا في ثلث عاقده، يلزم بموته، أو نيابة عنه بعده (١).

أو يقال: عهد خاص بالتصرف بالمال، أو التبرع به بعد الموت.

والحكمة فيها: أن من لطف الله بعباده ورحمته بهم، إباحته لعبيده الصالحين ليتزودوا من أموالهم عند خروجهم من الدنيا، لهذا جاء في بعض الأحاديث القدسية قول الله تعالى: «يا ابن آدم، اثنتان لم تكن لك واحدة منهما، جعلت لك نصيبا من مالك حين أخذت بعظمك، لأطهرك به وأزكيك، وصلاة عبادي عليك بعد انقضاء أجلك» (٢).

واختلف هل هي واجبة أو مندوبة؟ وإليه ذهب أكثر العلماء (٣)، وعليه حمل بعضهم قول المصنف: (ويحق) بكسر الحاء وفتحها وفتح الياء وضمها (على من له ما)؛ أي: مال (يوصي فيه أن يعد) بضم الياء أي يهيئ (وصيته) ويشهد عليها، لقوله تعالى: ﴿كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية﴾ [البقرة: ١٨٠]، وعن عبد الله بن عمر : أن رسول الله قال: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به، يبيت ليلة أو ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» (٤)، زاد «مسلم» قال ابن عمر: «فوالله ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله يقول ذلك إلا وعندي وصيتي» (٥).

قال ابن دقيق العيد: والترخيص في الليلتين والثلاث دفع للحرج والعسر.


(١) شرح حدود ابن عرفة للرصاع (٦٨١).
(٢) انظر: تيسير العلام للبسام (٢/ ٢٦٨).
(٣) شرح زروق (٢/ ٧٩٤).
(٤) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢٢١٤)، والبخاري (٤/ ٢) (٢٧٣٨)، ومسلم (٥/ ٧٠) (٤٢٩١)
(٥) مسلم (٤٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>