(ولا يجوز بيع ثمر) ذات الأشجار كبلح وعنب ما دامت خضراء (أو حب لم يبد صلاحه) كقمح وفول لما فيه من الجهل والغرر والمخاطرة، لحديث ابن عمر ﵄:«أن رسول الله ﷺ، نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع»(١)، وحديث أنس ﵁﵁:«أن النبي ﷺ نهى عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد»(٢)، وفي حديث آخر عن أنس ﵁: وقال ﷺ: «إذا منع الله الثمرة فبم تستحل مال أخيك؟»(٣)، وعدم الجواز لعدم الانتفاع به شرعا في البيع قبل بدو صلاحه، وبدو صلاح البلح أن يحمر أو يصفر. وأما بدوه في نحو العنب فظهور الحلاوة، وبدو صلاح الحب أن ييبس فلو عقد عليه قبل ذلك فسخ، إلا أن يكون القصد منه حصاده أخضر فيجوز تبعا.
(ويجوز بيعه)؛ أي: الثمر (إذا بدا)؛ أي: ظهر (صلاح بعضه، وإن نخلة) واحدة (من نخيل كثيرة) لقوله ﷺ في الأحاديث السابقة: «لا تبيعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها» وبدو الصلاح ظهوره، فإذا ظهر في البعض يطلق عليه في اللغة والعرف أنه قد بدا صلاح هذا الثمر، ولو أراد ﷺ صلاح الجميع لقال حتى يصلح جميعه، ولأن جميع الثمار يبدو صلاح بعضه ثم يتتابع صلاحه شيئا فشيئا فلا يصلح آخره إلا ولو ترك أوله لفسد وضاع، وهو خلاف المقصود مع النهي عن إضاعة المال كما في الصحيح، ولأن العمل جار بهذا في كل زمان منذ عصره ﷺ في جميع أقطار أهل الإسلام.
(١) أخرجه مالك في «الموطأ» (١٨٠٧)، والبخاري (٣/ ١٠٠) (٢١٩٤)، ومسلم (٥/ ١١) (٣٨٥٧) (٢) أخرجه أحمد (٣/ ٢٢١) (١٣٣٤٧)، وأبو داود (٣٣٧١)، وابن ماجه (٢٢١٧)، والترمذي (١٢٢٨)، قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث حماد بن سلمة. (٣) مالك (١١٢٨)، والبخاري (٢٠٤٨)، ومسلم (٢٩٠٧).