(ولا الغش) وهو خلط الشيء بما ليس منه كاللبن بالماء والسمن بالشحم وهو أيضا شامل للتدليس، حيث يظهر البائع ما يوهم الجودة ويخفي ضدها، قال تعالى: ﴿ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون﴾ [المطففين: ١ - ٣]، وعن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا فقال:«ما هذا يا صاحب الطعام؟» قال أصابته السماء يا رسول الله، قال:«أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني»(١)، وحديث ابن عمر ﵁ قال: مر رسول الله ﷺ بطعام وقد حسنه صاحبه، فأدخل يده فيه، فإذا طعام رديء فقال:«بع هذا على حدة، وهذا على حدة، فمن غشنا فليس منا»(٢)، وحديث ابن مسعود ﵁ أن رسول الله ﷺ قال:«من غشنا فليس منا، والمكر والخديعة في النار»(٣).
وقد صار التعامل بالغش والخديعة دين كثير من ضعاف الإيمان لا سيما وقد كثرت البضائع وتنوعت جودة ورداءة غلاء ورخصا، فتجد الثعلب الآدمي الماكر يغلف البضاعة الرديئة بعلب الدولة المتميزة بالجودة، فينفق سلعته بهذه الطريقة الكاذبة فيزهق أرواحا، وينشئ في أموال الناس وأنفسهم أتراحا، فإنا لله وإنا إليه راجعون في زمن صار ينعت فيه الكافر بالصدق والأمانة، والمسلم بالغش والخيانة.
(ولا الخلابة) بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام وهي الخديعة بالكذب في الثمن كأن يقول له: أنا أخذتها بعشرين دينارا وأنقص لك من ذلك لحديث ابن عمر ﵁ أن رجلا ذكر للنبي ﷺ، أنه يخدع في البيوع،
(١) مسلم (١٩٧)، وأبو داود (٣٤٥٢)، الترمذي (١٣١٥)، ابن ماجه (٢٢٢٤). (٢) أخرجه أحمد (٢/ ٥٠) (٥١١٣)، والمجمع (٤/ ٧٨). صحيح لغيره. (٣) أخرجه ابن حبان (٥٥٥٩)، والطبراني في (الكبير) (١٠٢٣٤)، وفي «الصغير»، له (٧٢٥)، وأبو نعيم في «الحلية» (٤/ ١٨٨ - ١٨٩)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٢٥٣) و (٢٥٤)، وهو حديث قوي بطرقه.