للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مغربها فهذه هي الآيات العظام، وأما ما تقدم هذه من قبض العلم، وغلبة الجهل واستعلاء أهله، وبيع الحكم، وظهور المعازف، واستفاضة شرب الخمر، واكتفاء النساء بالنساء، والرجال بالرجال، وإطالة البنيان، وإمارة الصبيان، ولعن آخر هذه الأمة أولها، وكثرة الهرج وغير ذلك فإنها أسباب حادثة، ورواية الأخبار المنذرة بها بعدما صار الخبر عيانا تكلف» اهـ (١).

قال القرطبي وهو يتحدث عن أشراط الساعة أولها النبي ، لأنه نبي آخر الزمان، وقد بعث وليس بينه وبين القيامة نبي (٢).

ومنها ظهور انشقاق القمر في عهده آية مصدقة لنبوته قال تعالى: ﴿اقتربت الساعة وانشق القمر﴾ [القمر: ١] ففي «الصحيحين» ـ عن عبد الله بن مسعود قال: «انشق القمر على عهد رسول الله شقتين، فقال النبي اشهدوا» (٣)، وفي رواية: «انشق القمر ونحن مع النبي بمنى فقال: اشهدوا»، وذهبت فرقة نحو الجبل.

ومنها نار عظيمة تضيء لها أعناق الإبل ببصرى فقد روى البخاري في «الصحيح المسند» عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى» (٤)، وقد ذكر القرطبي في «التذكرة»: أنها قد خرجت نار بالحجاز بالمدينة في الثالث من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة واستمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت اهـ (٥). وتدافع الناس إلى المسجد النبوي الشريف والتزموا الروضة المنيفة وكثر البكاء والعويل، والذكر والاستغاثة واللجوء إلى الله الكبير، وجعل الله فيها خاصية أنها تضيء ولا تحرق رغم هديرها، وعظمتها.


(١) شعب الإيمان (١/ ٥٢٩).
(٢) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة (ص ٧٣٣).
(٣) البخاري (٤/ ٢٥١) (٣٦٣٦)، ومسلم (٨/ ١٣٢) (٧١٧٣)، والترمذي (٣٢٨٧).
(٤) أخرجه البخاري (٩/ ٧٣) (٧١١٨)، ومسلم (٨/ ١٨٠).
(٥) قاله الحافظ في فتح الباري (١٣/ ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>