رسول الله ﷺ، فاخترنا الله ورسوله، فلم يعد ذلك علينا شيئا» (١)، ولقول علي بن أبي طالب ﵁ في الرجل يخير امرأته:«إن اختارت نفسها فواحدة بائنة، وإن اختارت زوجها فواحدة يملك الرجعة»(٢)، (ما دامتا في المجلس) فيجيبا بصريح يفهم منه مرادهما فإن أجابا بمحتمل أمرا ببيان مرادهما فيعمل به، ثم لا يخلو حال المملكة من أمرين، لأنها إما أن تطلق واحدة أو أكثر، ففي الواحدة لا مناكرة له، وفيما زاد عليها له المناكرة لإجماع الصحابة حكاه بعضهم واعترضه الموفق (٣) بخلاف علي ﵁ ورد بأنه لم يثبت عنه بل ورد عنه موافقة الجماعة ففي «مسند الإمام» زيد عن علي ﵁ مثل حديثه السابق، وزاد في آخره، «فإن قامت من المجلس فلا خيار لها» وعن ابن مسعود ﵁: «إذا ملكها أمرها فتفرقا قبل أن تقضي بشيء فلا أمر لها» رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا (٤)، وروى عبد الرزاق بسند صحيح عن جابر ﵁ مثله، وروى عن جماعة آخرين من الصحابة وإلى هذا أشار بقوله:
(وله أن يناكر المملكة خاصة) دون المخيرة (فيما فوق الواحدة) وبهذا قضى عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص ﵃ كما عند الشافعي ومالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وسحنون (٥)، بشرط أن ينكر حين سماعه من غير إهمال وأن يقر بأنه أراد بتمليكه الطلاق، فلو قال: لم أرد طلاقا فإنه يقع الثلاث ولا عبرة بعد ذلك بقوله: أردت بما جعلته لها طلقة واحدة، وأن يدعي أنه نوى واحدة في حال تملكه، وأن يكون تمليكه طوعا احترازا مما إذا شرط لها في عقد نكاحها فطلقت نفسها ثلاثا فإنه لا مناكرة له دخل بها أم لم يدخل.
(١) البخاري (٤٩٦٢)، ومسلم في الطلاق، باب: بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاق إلا بالنية رقم (١٤٧٧). (٢) الترمذي (١١٧٩)، وعبد الرزاق (١١٩٨١)، وابن أبي شيبة (١٨٤٠٢). (٣) ابن قدامة في المغني (٨/ ٢٩٦)، دار الفكر. (٤) عبد الرزاق (١١٩٢٩). وابن ابي شيبة (١٨٤٣٠). (٥) الموطأ (٢/ ٥٥٣) من حديث ابن عمر.