التزويج قصد الإحلال، أو قصد الإحلال مع نية إمساكها إن أعجبته، والعبرة بالنية وقت العقد، فلو طرأت له نية التحليل عند الوطء لا يضر (لمن طلقها ثلاثا) لحديث علي ﵁ قال: «لعن رسول الله ﷺ المحلل والمحلل له» وفي لفظ: «لعن الله … »(١)، ولقوله ﷺ كما في حديث عقبة بن عامر ﵁:«ألا أخبركم بالتيس المستعار؟» قالوا: بلى يا رسول الله! قال: «هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له»(٢).
ففي قوله: التيس تشبيه الرجل بالتيس واستعارة اسمه له على طريق التصريح بجامع الدناءة، إشارة إلى أنه بمثابة حيوان بهيمي دنيء ثم قوله: لعن الله المحلل والمحلل له، سماه محللا بحسب زعمهم، والمحلل بكسر اللام الأولى الذي يتزوج مطلقة ثلاثا بعد العدة والمحلل له بفتح اللام الأولى هو الزوج الأول.
وسكت ﷺ عن الولي والمرأة والشهود مع أن الحرمة لاحقة للكل لتعلق الحرمة بالزوجين أشد ولذلك أخبر ﷺ بأن الله لعنهما؛ أي: طردهما من رحمته (٣).
(ولا يحلها ذلك) الزوج لمن طلقها البتات، وإذا عثر على هذا النكاح فسخ قبل البناء وبعده، وعبارة بعضهم ويفرق بينهما بتطليقة بائنة، ولها بالبناء صداق المثل، فإن تزوجها الأول بهذا النكاح فسخ بغير طلاق، ويعاقب من عمل بنكاح المحلل من زوج وولي وشهود وزوجة، وظاهر كلامه إن قصد المطلق أو الزوجة التحليل بنكاح الثاني لا يضر وتحل به وهو كذلك لحديث نافع عن ابن عمر ﵄ أنه سأله رجل عن رجل فارق امرأته وأنه تزوجها ولم يأمرني ولم أعلمه، فقال ابن عمر ﵄: «لا، إلا نكاح رغبة، إن رضيت
(١) أخرجه أحمد (١/ ٨٣) (٦٣٥)، وأبو داود (٢٠٧٦)، وابن ماجه (١٩٣٥). (٢) ابن ماجه (١٩٣٦)، والحاكم (٢/ ١٩٨)، وهق (٧/ ٢٠٨)، وحسنه عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (٢/ ١٥٧)، وإسناده حسن. (٣) وانظر كلاما لابن القيم في: إعلام الموقعين (٣/ ٥٤ ٥٨).