وقوله:(فلا كفارة عليه) تكرار ذكره ليترتب عليه قوله: (ولا إثم) وإنما لم يكن عليه إثم لقوله تعالى: ﴿لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان﴾ [المائدة: ٨٩]، وروى عمر بن قيس عن عطاء عن عائشة في هذه الآية قالت:«هو حلف الرجل على علمه، ثم لا تجده على ذلك، فليس فيه كفارة»(١).
وقيل: لغو اليمين ما يسبق إليه اللسان من غير عقد قاله القاضي إسماعيل والأبهري واللخمي وجماعة، وقال ابن عبد السلام: هو الأقرب لأنه أسعد بظاهر قوله تعالى: ﴿ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم﴾ [البقرة: ٢٢٥] ولحديث عائشة في قوله تعالى: ﴿لا يؤاخذكم الله باللغو﴾ الآية، أنها كانت تقول:«لغو اليمين قول الإنسان: لا والله، وبلى والله»(٢)؛ قال في «المدونة»: ولا لغو إلا في اليمين بالله أو نذر لا مخرج له؛ أي: النذر المبهم كقوله: «إن فعلت كذا فعلي نذر، ولا يفيد اللغو في نحو طلاق أو عتق أو نذر غير مبهم»(٣).
(والأخرى) اليمين الغموس قيل: سميت بذلك، لأنها تغمس صاحبها في النار، وفسرها بأنها (الحالف متعمدا للكذب) مثل أن يحلف أنه لقي فلانا بالأمس وهو لم يلقه، أو يقول: والله لقد كان كذا يوم أمس وهو متيقن أنه لم يكن ونحو ذلك (أو شاكا) مثل أن يحلف، أنه لقيه وهو شاك هل لقيه أم لا؟ ومثل الشك الظن؛ أي: غير القوي وظاهر قوله: (فهو)؛ أي: الحالف متعمدا للكذب أو شاكا (آثم) وإن وافق ما حلف عليه؛ أي: فهو آثم مطلقا وافق أم لا على الراجح.
(١) قال الزيلعي في نصب الراية (٣/ ٢٩٣) رواه البيهقي في المعرفة (وعمر بن قيس ضعيف)، ورواه ابن وهب وابن أبي حاتم في التفسير من طريقه وهو ضعيف شاذ لمخالفته ما رواه الثقات عنها .. قال ابن عبد البر: وأخطأ فيه عمر بن قيس فرواه بخلاف ذلك، الاستذكار (٥/ ١٨٨)، والرواية الصحيحة هي التي أوردناها بعد هذه. (٢) رواه البخاري (٦٦٦٣)، ومالك (١٧٢٩) واللفظ له في باب: لغو اليمين. (٣) المدونة (٣/ ١٠١).