السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» (١).
ومحل ارتكاب الكبيرة (إذا كانوا)؛ أي: العدو من الكفار (مثلي عدد المسلمين فأقل) سواء كان المسلمون مثلهم في القوة أو أشد أو جهل الأمر، وهو المشهور، إذ المشهور يعتبر الضعف بحسب العدد لا القوة، ومحل حرمة الفرار إذا فر ونيته عدم الرجوع، أما إذا فعل ذلك مكيدة أو تحيزا إلى فئة بأن يرى العدو الانهزام حتى يتبعه فيكر عليه أو يرجع إلى الأمير أو إلى جماعة المسلمين لأجل أن يستعين بهم فلا يحرم الفرار إذا فعن ابن عباس:«لما نزلت ﴿إن يكن منكم عشرون صبرون يغلبوا مائتين﴾ [الأنفال: ٥٦] فكتب عليهم أن لا يفر عشرون من مائتين. ثم نزلت: ﴿الئن خفف الله عنكم﴾ [الأنفال: ٦٦] الآية فكتب أن لا تفر مائة من مائتين»(٢)؛ وقال ابن عباس:«من فر من اثنين فقد فر، ومن فر من ثلاثة فلم يفر»(٣).
(فإن كانوا)؛ أي: العدو (أكثر من ذلك)؛ أي: من مثلي عدد المسلمين (فلا بأس بذلك) الفرار من العدو، وظاهره ولو بلغ المسلمون اثني عشر ألفا وهو كذلك في النوادر عن سحنون، ونقل ابن رشد عن جمهور أهل العلم وارتضاه: أن المسلمين إذا بلغوا اثني عشر ألفا لا يجوز لهم الفرار وإن كان الكفار أكثر من مثليهم (٤). وقيد به بعضهم كلام الشيخ، واعتمده صاحب المختصر (٥). فعن ابن عباس له عن النبي ﷺ قال: خير الصحابة أربعة
(١) أخرجه البخاري (٢٧٦٦)، ومسلم (٨٩). (٢) البخاري (٤٦٥٢). (٣) بصيغة أخرى، كما في شرح المسند للرافعي (٣/ ٣٠٣ - ٣٠٤)، ط: الأوقاف القطرية، وأخرجه الطبراني (١١١٥١)، قال الهيثمي (٥/ ٣٢٨): رجاله ثقات. (٤) البيان والتحصيل لابن رشد (١٠/ ٤٨). (٥) التوضيح (٣/ ٤٠٦).