والوقوف الركني الوقوف بها جزءا من الليل بعد الغروب. والتعبير بالوقوف بيان للوجه الأكمل، فلا ينافي أنه إذا مر بعرفة ليلا ولم يقف فيها يجزئه بشرطين: أن يكون عالما بأن هذا المحل عرفة، وأن ينوي الحضور بعرفة لا المار الجاهل بأن هذا المحل عرفة.
ولكن في «التوضيح»: عن سند من مر بها وعرفها أجزأه، وإن لم يعرفها: فقال أبو محمد: لا يجزئه، والأشهر الإجزاء لأن تخصيص أركان الحج بالنية ليس شرطا، وفي «المختصر»: الجاهل بعرفة لا يجزئه الوقوف بها، قال في منسكه وهو المشهور. لحديث بكير بن عطاء الليثي؛ سمعت عبد الرحمن بن يعمر الديلي ﵁، يقول: شهدت رسول الله ﷺ وهو واقف بعرفة، وأتاه ناس من أهل نجد، فقالوا: يا رسول الله، كيف الحج؟ قال:«الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر، من ليلة جمع، فقد تم حجه»(١).
وحديث عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائي أنه حج على عهد رسول الله ﷺ فلم يدرك الناس إلا ليلا، وهو بجمع، فانطلق إلى عرفات، فأفاض منها، ثم رجع فأتى جمعا، فقال: يا رسول الله، أنعبت نفسي، وأنضيت راحلتي، فهل لي من حج؟ فقال:«من صلى معنا صلاة الغداة بجمع، ووقف معنا حتى يفيض، وقد أفاض قبل ذلك من عرفات ليلا، أو نهارا، فقد تم حجه، وقضى تفثه»(٢).
ويلزم المار على هذا الوجه المجزئ الدم لوجوب الطمأنينة بعرفة، كما قال المالكية ولا دليل عليه.
ويستحب الوقوف راكبا لفعله ﵊، كما في حديث جابر ﵁ عند مسلم: «ثم ركب رسول الله ﷺ حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم
(١) أخرجه أبو داود (١٩٤٩)، وابن ماجه (٣٠١٥). (٢) أخرجه أبو داود (١٩٥٠)، وابن ماجه (٣٠١٦)، والترمذي (٨٩١) والنسائي (٥/ ٢٦٣).