للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال النبي : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (١)، ويكره للشيخ والشاب رجلا أو امرأة أن يقبل زوجته أو أمته وهو صائم أو يباشر أو يلاعب، لا سيما إذا خاف على نفسه الوقوع في المحظور وإلا فالاحتياط أولى من الحوم حول الحمى لحديث عائشة قالت: «كان رسول الله يقبل ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه» (٢).

قال الحافظ (٣): فأشارت بذلك إلى أن الإباحة لمن يكون مالكا لنفسه دون من لا يأمن من الوقوع فيما يحرم، فإن أمذى من الفكر أو القبلة ونحوهما: قضى عند مالك رحمه الله تعالى.

وكذلك أن ينظر أو يذكر إذا علم من نفسه السلامة من مني ومذي، وإن علم عدم السلامة أو شك فيها حرمت؛ ولا يحرم ذلك عليه في ليله إلا أن يكون معتكفا أو صائما في كفارة ظهار فيستوي عنده الليل والنهار، فإن فعل شيئا من ذلك وهو صائم وسلم فلا شيء عليه، وإن أنزل فعليه القضاء والكفارة (في نهار رمضان) ثم صرح بمفهوم هذا زيادة في الإيضاح فقال: (ولا يحرم ذلك)؛ أي: ما ذكر من الوطء والمباشرة والقبلة (عليه)؛ أي: على الصائم (في ليله)؛ أي: ليل رمضان لقوله تعالى: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم﴾ (٤) [البقرة: ١٨٧]، وقد نزلت في الصحابيين عمر بن الخطاب وقيس بن صرمة ، وإنما يستوي الليل والنهار في حق المعتكف وصائم كفارة الظهار.

(ولا بأس أن يصبح) الصائم (جنبا من الوطء) للحديث المتقدم، وللإجماع (٥).

وليس في قوله تكرار وإنما أراد أن يبين هنا إباحة الإصباح بالجنابة.


(١) رواه الترمذي (٢٥١٨)؛ تنبيه: وقع قلب في الحديث في المناهل فانتبه له (٣/ ١٠٩٠).
(٢) رواه البخاري (١٩٢٧)، ومسلم (٢٥٧١)، ومالك في الموطأ (٢/ ٢٢١).
(٣) الفتح (٤/ ١٧٧).
(٤) انظر: تفسير القرطبي (٢/ ٣١٤).
(٥) شرح الزرقاني (٢/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>