للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على إباحة الفطر للمريض في الجملة، أما إذا كان المرض لا يشق معه الصوم ولا يخاف زيادة المرض ولا تأخر البرء وأفطر فعليه القضاء والكفارة.

(ومن سافر سفرا)؛ أي: تلبس بسفر وقت انعقاد النية بأن وصل إلى محل بدء القصر قبل طلوع الفجر (تقصر فيه الصلاة) بأن كان أربعة برد فأكثر ذاهبا أو راجعا، ولم يكن سفر معصية، (ف) يباح (له أن يفطر) بأكل أو شرب أو جماع، وبالغ على ذلك بقوله: (وإن لم تنله ضرورة) غير ضرورة السفر فمع الضرورة أحرى (و) مع إباحة الفطر للمسافر يجب (عليه القضاء) إذا أفطر من غير خلاف لقوله تعالى: ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر﴾ [البقرة: ١٨٥]، والتقدير فأفطر فعدة (والصوم) في السفر (أحب إلينا)؛ أي: إلى المالكية لمن قوي عليه على المشهور لقوله تعالى: ﴿وأن تصوموا خير لكم﴾ [البقرة: ١٨٤] (١)، وعن عثمان بن أبي العاص وأنس بن مالك صاحبي رسول الله أنهما قالا: الصوم في السفر أفضل لمن قدر عليه (٢).

ولا يجوز الفطر في رمضان في سفر معصية بلا خلاف، ولا في سفر آخر دون مسافة القصر بلا خلاف.

(ومن سافر أقل من أربعة برد فظن)؛ أي: اعتقد يقينا (أن الفطر مباح له فأفطر) لذلك فلا كفارة عليه لأنه متأول، ولعدم النص في تحديد تلك المسافة ولا إجماع (٣)، (و) إنما يجب (عليه القضاء) فقط من غير خلاف، ولو ذكر هذه المسألة بعد قوله: (وكل من أفطر متأولا فلا كفارة عليه) لكان أولى لأنها جزئية من هذه الكلية. وظاهر كلامه أن المتأول لا كفارة عليه مطلقا، وهو خلاف المشهور إذ المشهور التفصيل وهو إن كان التأويل قريبا، وهو ما قوي سببه، فلا كفارة عليه لأنه معذور باستناده إلى


(١) قال القاضي: والدلالة على ذلك ﴿وسارعوا﴾ … [آل عمران: ١٣٣]. انظر: شرح الرسالة له (١/ ٢٥٩).
(٢) تفسير القرطبي (٢/ ٢٨٠).
(٣) راجع مسافة القصر واختلاف الفقهاء في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>