للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي ركعتين في بيته» (١).

هذا حكم التنفل بعدها، وأما قبلها فيباح للمأموم دون الإمام؛ أي: يندب وإلى الأول أشار بقوله: (وليتنفل)؛ يعني: المأموم في المسجد (إن شاء قبلها)؛ أي: قبل صلاة الجمعة ما لم يجلس الإمام على المنبر فإذا جلس فإنه لا يتنفل، بل إذا خرج للخطبة فإنه لا يتنفل؛ لما روى ثعلبة بن أبي مالك (٢): «أنهم كانوا في زمن عمر بن الخطاب يوم الجمعة يصلون حتى يخرج عمر، فإذا خرج عمر، وجلس على المنبر، وأذن المؤذنون، [قال ثعلبة] جلسنا نتحدث، حتى إذا سكت المؤذنون، وقام عمر يخطب، أنصتنا، فلم يتكلم منا أحد»، قال ابن شهاب: فخروج الإمام يقطع الصلاة، وكلامه يقطع الكلام. اه. وهذا يدل على شهرة الأمر بينهم.

وإذا دخل عليه وهو في أثناء التنفل خفف.

(ولا يفعل ذلك الإمام)؛ أي: التنفل قبل صلاة الجمعة في المسجد؛ أي: يكره ذلك للإمام لما صح أنه لم يكن يصلي قبل الجمعة شيئا. قال ابن عمر الأنفاسي: وظاهر كلام الشيخ أن ذلك عام اتسع الوقت أم لا، وليس هو على ظاهره، وإنما يعني به عند دخوله للخطبة دل عليه قوله: (وليرق)؛ أي: يصعد (المنبر كما يدخل)؛ أي: وقت دخوله مريدا الخطبة وهو بعد الزوال، وأما إذا جاء قبل الزوال أو بعده ولم يرد أن يخطب بأن لم تحضر الجماعة فقال ابن حبيب: يجوز له أن يتنفل ويسلم على الناس حين دخوله، ولا يسلم إذا صعد على المنبر (٣)، أي: يكره كراهة مذهبية لا شرعية.

قلت: روى البيهقي عن نافع عن ابن عمر قال «كان رسول الله إذا صعد المنبر يوم الجمعة، استقبل الناس بوجهه ثم سلم» (٤)؛ والأمر واسع إن شاء الله تعالى.


(١) مسلم (٨٨٢).
(٢) الموطأ (٢٧٦).
(٣) المسالك (٢/ ٤٤٤)، وانظر: النوادر والزيادات (١/ ٤٧١).
(٤) رواه ابن ماجه (١١٠٩)، وفي إسناده ابن لهيعة، وحسنه الألباني، أخرجه البيهقي

<<  <  ج: ص:  >  >>