أن تحريك لسان المسر فقط يجزئه وأحب إسماع نفسه، وقال: ابن رشد وجهره إسماع غيره، وأحب فوق ذلك انتهى (١).
(و) احترز (بالتكلم بالقرآن)؛ أي: بقراءة القرآن من أن يقرأ فيها بغيره من التوراة والإنجيل أو الأحاديث القدسية وغير ذلك من الكتب المنزلة، فإنها تبطل. وعلة البطلان إما أن غير القرآن من الكتب السماوية منسوخ أو مبدل، وإما أن ذلك مخالف لفعله ﵊ وقوله:«صلوا كما رأيتموني أصلي»(٢).
(وأما الجهر فـ) ـأقله (أن يسمع نفسه ومن يليه)؛ أي: على فرض أن هناك من يسمعه، وأعلاه لا حد له. وإن كان وحده قال الفاكهاني: وانظر ما معنى قوله: إن كان وحده. والظاهر أنه يحترز عن الإمام فإنه يطلب منه أن يسمع نفسه ومن خلفه، فلو لم يسمع من خلفه فصلاته صحيحة، وحصلت السنة بسماعه من يليه. وقال الأقفهسي: إن كان وحده احترز به ممن يقرب منه مصل آخر، فحكمه في جهره حكم المرأة.
تنبيه: محل طلب الجهر كما في شرح الشيخ حيث كان لا يترتب عليه تخليط الغير وإلا نهى عما يحصل به التخليط، ولو أدى إلى إسقاط السنة، لأنه لا يجوز له أن يرتكب محرما لتحصيل السنة، روى مالك في «الموطأ»: «أن رسول الله ﷺ خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: «إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن»» (٣).
وما ذكره من الجهر إنما هو في حق الرجل.
(١) مواهب الجليل شرح مختصر خليل (٢٢٢/ ٢ - ٢٢٣)، ط: العلمية. (٢) تنوير المقالة (٢/ ١٦٩)، والحديث تقدم تخريجه. (٣) مالك في الموطأ (١٧٧)، وأحمد (١٩٠٢٢)، وقال العراقي: بإسناد صحيح؛ وانظر هذه المسألة بمزيد من التوسع في: مواهب الجليل (٢/ ٢٢٣)، فإن كثيرا من الناس عندنا يجهلون محل الجهر إذا كان ثمت مسبوقين فيشوش بعضهم على بعض، ولا ينبه الأئمة على هذه المسائل إما لجهلهم بها؛ أو زهدهم في تعليم الناس.