فقد وجبت العشاء»، وخرج وقت المغرب (فإذا لم يبق في المغرب)؛ أي: ناحية غروب الشمس (صفرة ولا حمرة فقد وجب)؛ أي: دخل (الوقت)؛ أي: وقت العشاء وانظر كيف قدم الصفرة وهي متأخرة عن الحمرة، وأجيب بأن الواو لا تقتضي ترتيبا.
(ولا ينظر إلى البياض الباقي في المغرب) إشارة إلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى: إن الشفق هو البياض. ودليل ذلك أن النبي ﷺ قال:«الشفق الحمرة، فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة»(١)، وحديث عبد الله بن عمرو ﵄ أن رسول الله ﷺ قال:«وقت صلاة المغرب إلى أن تذهب حمرة الشفق … »(٢)، (فذلك)؛ أي: غيبوبة الشفق الأحمر (لها)؛ أي: للعشاء (وقت)؛ يعني: أن أول وقتها المختار مبدؤه من مغيب الشفق الأحمر؛ ونهايته (إلى ثلث الليل الأول) على المشهور وهو أحد ثلاثة أقوال (٣)، لحديث عائشة ﵂ قالت:«أعتم رسول الله ﷺ ليلة بالعتمة فنادى عمر: نام النساء والصبيان، فخرج رسول الله ﷺ فقال: ما ينتظرها غيركم ولم تصل يومئذ إلا بالمدينة ثم قال: صلوها فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل»(٤).
وقال ابن حبيب: إنه ينتهي إلى نصف الليل لقوله ﷺ في الحديث الذي مر: «ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل».
ولحديث أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «لولا أن أشق على
(١) رواه الدارقطني (١/ ٢٦٩)، قال ابن الملقن في البدر المنير (٨٧/ ١): رواه الدارقطني وقال في غرائب مالك: هذا حديث غريب وكل من رواته ثقات، وقال الحاكم (المدخل) والبيهقي: الصحيح وقفه على ابن عمر». (٢) ابن خزيمة في صحيحه (٣٥٤). (٣) أ - إلى ثلث الليل، الاستذكار (١/ ٤٥)، وعزاه ابن العربي لمالك، كما في العارضة (١/ ٢٧٧)؛ ب - إلى نصفه، المنتقى (١/ ١٥)، والعارضة (١/ ٢٧٨)، وعزاه لابن حبيب، ج آخر وقتها طلوع الفجر للضرورة، والمقدمات (١٥٠/ ١). (٤) رواه النسائي (٤٨١). وبنحوه عند البخاري (٥٤١)، ومسلم (٦٣٨).