وعن أبي يونس مولى عائشة أنه قال:«أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾، فلما بلغتها آذنتها فأملت علي: ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين﴾، قالت عائشة: سمعتها من رسول الله ﷺ»(٢). واستدلوا بهذه الأحاديث وغيرها على أن الصلاة الوسطى غير صلاة العصر لأن العطف يقتضي المغايرة، وهو راجع إلى الخلاف الثابت في الأصول في القراءة الشاذة هل تنزل منزلة أخبار الآحاد فتكون حجة كما ذهبت إليه الحنفية وغيرهم، أم لا تكون حجة لأن ناقلها لم ينقلها إلا على أنها قرآن، وكذلك في كون الصبح تأتي وقت مشقة بسبب برد الشتاء وطيب النوم في الصيف والنعاس وفتور الأعضاء وغفلة الناس، وبورود الأخبار الصحيحة في تأكيد أمرها، فخصت بالمحافظة لكونها معرضة للضياع بخلاف غيرها (٣)، قال مالك: وقول علي وابن عباس أحب ما سمعت في ذلك (٤)، وروي عن بعض الصحابة والتابعين على أنها الوسطى منهم: عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وابن عباس وابن عمر ﵃(٥)، وجابر وعطاء وعكرمة ومجاهد والربيع بن أنس.
ولا يخفى أن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، فقد ذكر بإزاء هذه
(١) رواه النسائي (٦٢٤) وأنكر الألباني زيادة (وهي صلاة الوسطى) وبقية الحديث صحيح. (٢) مالك في الموطأ (١/ ١٣٨ - ١٣٩)، ورواه مسلم (٦٢٩)، وأبو داود (٤١٠)، والترمذي (٢٩٨٦). (٣) وانظر: الذخيرة للقرافي (٢/ ٣٢)، ونيل الأوطار للشوكاني (١/ ٣٨٢)، باب: بيان أنها الوسطى، وانظر: تفسير ابن عطية، والجامع لأحكام القرآن عند تفسيرهما للآية. (٤) الموطأ (١/ ١٣٧) بلاغا، باب: الصلاة الوسطى، وأثر ابن عباس وصله ابن أبي شيبة (٣/ ٥٨١) رقم (٨٦٨٣)، وعبد الرزاق (١/ ٥٧٩) رقم (٢٢٠٧)، وانظر: المجموع (٣/ ٥٦)، والمغني (١/ ٤٢١). (٥) ابن أبي شيبة (٠٣/ ٥٨٥) رقم (٨٧٠٩).