للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه ومسمع، وأنه مناج له وأنه يسمع كلامه ويرد عليه جواب مناجاته له. كما في «صحيح مسلم»، عن أبي هريرة ، عن النبي : «إذا قال العبد: ﴿الحمد لله رب العالمين﴾، قال الله تعالى: حمدني عبدي» - وذكر رده عليه في آيات الفاتحة إلى آخرها.

فمن استشعر هذا في صلاته أوجب له ذلك حضور قلبه بين يدي ربه، وخشوعه له، وتأدبه في وقوفه بين يديه، فلا يلتفت إلى غيره بقلبه ولا ببدنه، ولا يعبث وهو واقف بين يديه، ولا يبصق أمامه فيصير في عبادته في مقام الإحسان، يعبد الله كأنه يراه، كما فسر النبي الإحسان بذلك في سؤال جبريل له. اه (١).

وإنما ذكر المصنف مناجاة المصلي لربه مع أنه ليس داخلا في الترجمة ليرتب عليه قوله (فعليه أن يتأهب لذلك بالوضوء)؛ أي: على المصلي أن يستعد لذلك؛ أي: للمناجاة بأن يكون حاضر القلب خاشعا مستحضرا عظمة من هو قائم بين يديه، ولا بد أن يتخذ الوسيلة لذلك بأن يكون طاهرا بالوضوء للانعدام صحة المشروط مع فقدان الشرط قال تعالى: ﴿ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم﴾ [المائدة: ٦] الآية، ولحديث عبد الله بن عمر أن رسول الله قال: «لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول» (٢)، وحديث أبي هريرة مرفوعا: «لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ» (٣).

(أو بالظهر إن وجب عليه الطهر)؛ أي: ويتهيأ للصلاة بتطهير نفسه من الجنابة إن وجب عليه ذلك ونحوها مما سبق من موجبات الاغتسال، لقوله تعالى: ﴿وإن كنتم جنبا فاطهروا﴾ وقوله: ﴿حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من


(١) فتح الباري لابن رجب (٢/ ٣٩٢) كتاب الصلاة، ط: دار النشر: دار ابن الجوزي، السعودية، الدمام، ١٤٢٢ هـ الطبعة: الثانية، تحقيق: أبو معاذ طارق بن عوض الله بن محمد، عدد الأجزاء/ ٦.
(٢) أخرجه أحمد (٧٤/ ٥) (٢٠٩٨٤)، ومسلم (١/ ١٤٠) (٤٥٦).
(٣) متفق عليه، وقد تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>