فاطهروا﴾ [المائدة: ٦]، ولحديث أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إنما الماء من الماء»(١). هذا الحديث وإن كان حكمه أن من جامع امرأته ولم ينزل ألا غسل عليه إلا أنه منسوخ بأحاديث التقاء الختانين، ولكن لتعلم أن حكمه باق فيمن أنزل دون جماع كالاحتلام ونحو ذلك، ولذلك قال ابن عباس ﵁:«إنما الماء من الماء في الاحتلام»(٢).
ولحديث أم سلمة، قالت: جاءت أم سليم إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال النبي ﷺ:«إذا رأت الماء فغطت أم سلمة؛ تعني: وجهها، وقالت: يا رسول الله أو تحتلم المرأة؟ قال: نعم، تربت يمينك، فبم يشبهها ولدها»(٣).
وعن عائشة قالت: سئل رسول الله ﷺ عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما. قال:«يغتسل»، وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولا يجد البلل. قال: «لا غسل عليه فقالت: أم سليم المرأة ترى ذلك أعليها غسل؟ قال: نعم. إنما النساء شقائق (٤) الرجال» (٥).
وقوله للذة احتراز من الخارج بغير لذة فإنه لا يوجب غسلا قياسا على المذي، ودم الاستحاضة، ولا يشترط في وجوب الغسل من خروجه للذة أن تكون اللذة مقارنة للخروج، فقد يجب الغسل لخروجه بعد ذهاب اللذة، كأن يلتذ بغير جماع ثم يخرج منه المني بعد ذهابها.
(١) رواه مسلم (٧٧٣)، وأبو داود (٢١٧)، والترمذي (١١٠) بمعناه. (٢) الترمذي (١١٢). (٣) مالك في الموطأ (١/ ١٥٤)، والبخاري (٢٨٢)، ومسلم (٧١٠) عن عائشة وأنس ﵄. (٤) شقائق: قال ابن الأثير: أي: نظائرهم وأمثالهم كأنهن شققن منهم اهـ. والشقيق: المثل والنظير. (٥) أبو داود (٢٣٦)، والترمذي (١١٣)، قال الأرناؤوط: وهو حسن بشواهده، انظر: جامع الأصول لابن الأثير (٧/ ٢٧٤) تحقيق: الأرناؤوط.