العلماء في حكمه، فذهب جمهور العلماء (أبو حنيفة ومالك وأحمد وبعض أصحاب الشافعي) إلى تحريمه أيضا. واستدلوا على تحريمه بأدلة من كتاب الله تعالى ومن أقوال الصحابة.
أما أدلة القرآن، فقول الله تعالى: ﴿ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاوة فهل أنتم منتهون﴾ [المائدة: ٩٠، ٩١].
قال القرطبي رحمه الله تعالى: هذه الآية تدل على تحريم اللعب بالنرد والشطرنج قمارا أو غير قمار، لأن الله تعالى لما حرم الخمر أخبر بالمعنى الذي فيها فقال: ﴿إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة﴾ فكل لهو دعا قليله إلى كثيره، وأوقع العداوة والبغضاء بين العاكفين عليه، وصد عن ذكر الله وعن الصلاة فهو كشرب الخمر وأوجب أن يكون حراما مثله. اه (١).
ومثل هذا خمر كرة القدم التي شربتها كثير من النفوس الغافلة فأبعدها عن ذكر الله تعالى والصلاة، وازدادت العداوة بين أبناء الأب الواحد فضلا عن غيرهم فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(ولا بأس أن يسلم على من يلعب بها في غير حال اللعب، وأما في حال اللعب فلا يجوز لأنهم متلبسون بمعصية، وورد عن بعض السلف النهي عن ذلك. روى البخاري في الأدب المفرد عن أبي روق أنه سمع علي بن عبد الله بن عباس يكره الشطرنج ويقول: لا تسلموا على من لعب بها وهي من الميسر (٢)؛ وعند مالك: لا تسقط الشهادة إلا إذا أدمن والمدمن لا يخلو من الأيمان الحانثة. وأما على وجه الندرة فيجب عليه تركه ولا تسقط عدالته وبئسما صنع ويكره الجلوس إلى من يلعب بها) مخافة أن ينسب إليهم.
(١) الجامع لأحكام القرآن (٦/ ٢٩١) (٢) «الأدب المفرد» للبخاري (١٠١٩)، قال الألباني: ضعيف الإسناد مقطوع.