للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن رسول الله خرج من الخلاء فقرب إليه طعام فقالوا: ألا نأتيك بوضوء؟ قال: «إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة» (١)، وقال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: كان سفيان الثوري يكره غسل اليد قبل الطعام (٢). (إلا أن يكون بها)؛ أي: اليد (أذى)؛ أي: قذر فيجب غسلها إكراما للطعام. وفي قوله: (وليغسل يده وفاه بعد الطعام من الغمر) تكرار بالنسبة لليد مع قوله: وإن غسلت يدك من الغمر إلخ، لأنه لا فرق بين قوله: فحسن، وقوله: وليغسل.

(وليمضمض فاه من اللبن) ظاهره مطلق اللبن. لأمره بذلك فعن ابن عباس أن النبي قال: «مضمضوا من اللبن؛ فإن له دسما» (٣)، وقال يوسف بن عمر: إنه خاص بالحليب لأن له دسما ويقويه الحديث، قلت: والحليب يطلق عليه لبن وهو واضح من الحديث.

(وكره غسل اليد ب) شيء من (الطعام) كدقيق الحنطة (أو بشيء) من دقيق (القطاني) من عطف الخاص على العام وأفردها بالذكر، لأن دقيقها لا يؤكل إلا في المسغبة فربما يتوهم خفة الأمر في دقيقها وأنه لا حذر فيه، (وكذلك بالنخالة) وهي ما يتخلص بالغربال من قشور الحنطة، (وقد اختلف في ذلك)؛ أي: في غسل اليد بجميع ما تقدم بالجواز والكراهة. قال المصنف في كتاب «الجامع»: «قيل؛ أي: لمالك: أيغسل يده بالدقيق؟ قال: غيره أحب إلي منه! ولو فعل لم أر به بأسا، وقد تمندل عمر بباطن قدمه»، وروى ابن وهب في الجلبان والفول وشبه ذلك أنه لا بأس أن يتوضأ به ويتدلك به في الحمام، وقد يدهن جسده بالسمن والزيت من الشقاق، وفي رواية أشهب: وسئل عن الوضوء بالدقيق والنخالة والفول، قال: لا علم لي به! (٤) وهذا


(١) أخرجه أحمد (٢٨٢/ ١ - ٢٥٤٩)، وأبو داود (٣٧٦٠)، والترمذي (١٨٤٧)، قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح، وفي «الشمائل» (١٨٥)، والنسائي (١/ ٨٥).
(٢) سنن الترمذي عند حديث (١٨٤٧).
(٣) رواه ابن ماجه (٤٩٨)، وسنده صحيح.
(٤) كتاب الجامع (٢٥٠)، وانظر مزيدا من التفصيل في كتاب البيان والتحصيل لابن رشد (١/ ٨٥، ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>