وعلى هذا يمكن أن يعرف الخضاب بأنه كل ما يصبغ به، ويتغير به لون الشيء المصبوغ إلى حمرة وصفرة أو غيرهما.
(ويكره صباغ الشعر الأبيض بالسواد من غير تحريم) لما كانت الكراهة تطلق ويراد بها التنزيه، وتطلق ويراد به التحريم دفع هذا الثاني بقوله: من غير تحريم، وهو قول مالك كما في «الموطأ» قال يحيى: «سمعت مالكا يقول في صبغ الشعر بالسواد: لم أسمع في ذلك شيئا معلوما، وغير ذلك من الصبغ أحب إلي، قال: وترك الصبغ كله واسع إن شاء الله، ليس على الناس فيه ضيق». اه (١). وهذا الحكم خاص بغير البيع والجهاد، أما في البيع فيحرم، وأما في الجهاد فاتفق العلماء على جواز الصبغ بالسواد، قال الحافظ: ويستثنى من ذلك - يعني: النهي عن الصبغ بالسواد - المجاهد اتفاقا. اه (٢) لإيهام العدو الشباب فيؤجر عليه، وكذا اتفقوا على تحريمه عند الزواج لخداع المرأة واختلفوا في غير ذلك، وانظر أصل هذا المختصر تجد فيه ما أشكل عليك من أمر الصبغ بالسواد، ومن أجازه من فقهاء الصحابة ﵃.
(و) أما صبغه بغير السواد ف (لا بأس به بالحناء والكتم) بفتح التاء ورق السلم (شجر) وهو يصفر الشعر، والحناء تحمره. وقال مالك: الحناء والكتم واسع، والصبغ بغير السواد أحب إلي (٣). لقوله ﷺ:«إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم» كما في حديث أبي ذر ﵁(٤)، وكلام المصنف محتمل للندب والإباحة وهي أقرب، وقال ابن رشد في «البيان»: أما صبغ الشعر بالحنا والكتم والصفرة، فلا اختلاف بين أهل العلم في أن ذلك جائز (٥).
وخلاصة القول: أن الصبغ بالسواد حكمه الكراهة عند السواد الأعظم
(١) شرح الزرقاني على الموطأ (٤/ ٤٣١ - ٤٣٢). (٢) الفتح (١٠/ ٣٦٧). (٣) تقدم عزوه للموطأ، وانظر: الفتح للحافظ (٦/ ٤٩٩). (٤) أحمد (٥/ ١٤٧) (٢١٦٣٢) و (٥/ ١٥٠) (٢١٦٦٤)، وأبو داود (٤٢٠٥)، والترمذي (١٧٥٣)، وابن ماجه (٣٦٢٢). (٥) البيان والتحصيل لمحمد بن رشد (١٧/ ١٦٦ ١٦٧).