للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها قوله تعالى: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾ [النور: ٦٣] وأي فتنة أعظم من أن يرى المرء نفسه قد فعل فعلا هو أفضل فيه من نبيه ومن الأحاديث حديث ابن عمر عن النبي قال: «خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب» (١).

وفي لفظ حديث أبي هريرة : «جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس» (٢)، زاد البخاري وكان ابن عمر : «إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه». وقوله: (وتوفر ولا تقص) تأكيد، قال الحطاب: «وحلق اللحية لا يجوز، وكذلك الشارب، وهو مثلة وبدعة، ويؤدب من حلق لحيته أو شاربه». اه (٣) وقال القرطبي: «لا يجوز حلق اللحية ولا نتفها ولا قص الكثير منها، فأما أخذ ما تطاير منها، وما يشوه ويدعو إلى الشهرة طولا وعرضا فحسن عند مالك وغيره من السلف». اه (٤). وإليه أشار المصنف بقوله: (قال مالك: ولا بأس بالأخذ؛ بمعنى: يستحب الأخذ من طولها إذا طالت كثيرا) (٥) والمعروف لا حد للأخذ منها إلا أنه لا يتركها لنحو الشهرة كما نقل ذلك الباجي، وحكى الطبري اختلافا فيما يؤخذ من اللحية هل له حد أم لا؟ فأسند عن جماعة الاقتصار على أخذ الذي يزيد منها على قدر الكف، وعن الحسن أنه يؤخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش (٦)، (و) ما قاله مالك (قاله) قبله (غير واحد)؛ أي: أكثر من واحد كما نقل عنهم ذلك، منهم: جابر بسند حسن قال: «كنا نعفي السبال إلا في حج


(١) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢٧٢٥)، والبخاري (٧/ ٢٠٦) (٥٨٩٢)، ومسلم (١/ ١٥٣) (٥٢١).
(٢) مسلم (٥٢٤).
(٣) مواهب الجليل (١/ ٢١٦)، وانظر: حاشية الدسوقي (١/ ٩٠)، وانظر: قول الحنابلة الفروع لابن مفلح (١/ ١٣٠).
(٤) المفهم للقرطبي (١/ ٥١٢)، والفتح (١٠/ ٣٦٣).
(٥) قول مالك كما في التمهيد (٢٤/ ١٤٥).
(٦) انظر: الفتح (١٠/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>