للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحصل التأديب (وأزمته) جمع زمام الطريق الموصل إليه، وهو في الأصل ما يقاد به البعير أطلق على الطريق الموصل للخير على جهة المجاز، لأن كلا يقود إلى ما ينتفع به (تتفرع)؛ أي: تتخرج (عن أربعة أحاديث) مرفوعة أحدها: (قول النبي عليه) الصلاة و (السلام): «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر (فليقل خيرا أو ليصمت) (١)؛ أي: فليقل خيرا يؤجر عليه أو يسكت عن شر يعاقب عليه.

(و) ثانيها (قوله (عليه) الصلاة و (السلام): من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) (٢)، وهو ما لا تعود عليه منه منفعة دنيوية ولا أخروية.

(و) ثالثها (قوله (عليه) الصلاة و (السلام) ل) لرجل (الذي اختصر له في الوصية) حين قال له أوصني، قال: «لا تغضب» (٣) فردد مرارا؛ أي: فرجع ترجيعا مرارا؛ أي: حيث يقول له: أوصني يعتقد أن عدم الغضب ليس أمرا يعتد به، فقال: «لا تغضب» مفيدا له أن عدم الغضب أمر عظيم يعتد به، لما يترتب على الغضب من المفاسد الدنيوية والأخروية، وغرض الشارع صلوات الله عليه؛ أي: لا تعمل موجبات الغضب لا أنه ينهاه عن شيء جبل عليه لأنه لا يمكن إخراجه عن جبلته.


= الأحاديث الأربعة التي جعل المصنف عليها مدار أبواب الخير وخصال البر، وللعلماء أقوال في الأحاديث التي عليها مدار الدين وخيري الدنيا والآخرة سنذكرها لاحقا.
(١) مالك في الموطأ (١٦٦٠)، والبخاري (٣١٥٣، ٥٦٧٢)، ومسلم في الإيمان، باب: الحث على إكرام الجار والضيف رقم (٤٧)، وانظر: شرح الحديث في كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب الحديث الخامس عشر من أحاديث الأربعين النووية (ص ١٣١).
(٢) وقد تقدم تخريجه: رواه الترمذي وقال: غريب، وحسنه النووي، ورواه ابن ماجه، ومالك في الموطأ مرسلا، وانظر: شرح الحديث في كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب الحديث الثاني عشر من أحاديث الأربعين النووية (ص ١١٢).
(٣) أخرجه البخاري (٦١١٦)، والترمذي (٢٠٢٠)، وانظر: شرح الحديث في كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب الحديث السادس عشر من أحاديث الأربعين النووية ص (١٤٢)، وانظر: الذخيرة للقرافي (١٣/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>