للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضر من لم يضرك، وهو معنى لا ضرر، وقوله: (ولا ضرار)؛ أي: لا تفعل معه زيادة على ما فعل معك فتعد ضارا. وأما مثل فعله أو أنقص منه فجائز، قال تعالى: ﴿فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم﴾ [البقرة: ١٩٤] هذا بالنسبة للعامة.

وأما أكابر الناس وخواصهم فيقابلون الإساءة بالمعروف (فلا يفعل ما يضر بجاره من فتح كوة بفتح الكاف هي الطاقة، أو ما يسمى بالنافذة أو الشباك، وأفهم كلامه أن الكوة السابقة على بيت الجار لا يقضى بسدها وهو كذلك، ولكن يمنع من التطلع على الجار منها لا سيما إذا كانت قريبة يكشف جاره منها بحيث يميز الذكور من الإناث، أو فتح باب قبالة بابه)؛ أي: قبالة باب جار الفاتح، فإن فعل منع من ذلك، لأنه يلزم منه الاطلاع على عورة جاره أو حفر ما يضر بجاره في حفره وإن كان الحفر في ملكه كحفر بئر ملتصقة بجداره أو حاصل لمرحاضه.

(ويقضى بالحائط لمن إليه)؛ أي: عند القمط والعقود القمط بكسر القاف وسكون الميم: الخشب الذي يجعل في وسط الحائط ليحفظه من الكسر والعقود تناكح الأحجار؛ أي: تداخل بعض البناء في بعض. لحديث جارية بن ظفر أن دارا كانت بين أخوين فحظرا في وسطها حظارا ثم هلكا، وترك كل واحد منهما عقبا فادعى عقب كل واحد منهما أن الحظار له من دون صاحبه فاختصم إلى النبي فأرسل حذيفة بن اليمان يقضي بينهما فقضى بالحظار لمن وجد معاقد القمط تليه، ثم رجع فأخبر النبي فقال: النبي : «أصبت» أو قال: «أحسنت» (١) ولأن العرف جار بأن من بني حائطا جعل وجه الحائط إليه.


= ورواه ابن ماجه من حديث عبادة بن الصامت أن رسول الله قضى أن لا ضرر ولا ضرار. ورواه ابن ماجه والدارقطني من حديث ابن عباس، وفي كل أسانيده مقال لكنه اعتضد بتعددها وبوجود شواهد.
(١) السنن الكبرى للبيهقي (١١٧٠٣) (٦/ ٦٧)، والدارقطني (٤/ ٢٢٩) (٨٨). وأصله في سنن ابن ماجه مختصرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>