للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شهادة الزوج لامرأته». وأخذ بهذا مالك وأحمد وأبو حنيفة.

(وتجوز شهادة الأخ العدل لأخيه) لعموم قوله تعالى ﴿وأشهدوا ذوي عدل منكم﴾ ولأن الشرع لم يجعل نفس أحدهما كنفس الآخر في العتق، ولا ماله كماله في النفقة، ولكن تكون الشهادة في الأموال خاصة والجراحات التي فيها المال لا فيما يلتمس فيه لأخيه شرفا أو جاها كشهادته له، بأنه تزوج ممن يحصل له بنكاحها شرف أو جاه، لكونها من ذوي القدر.

وهذا بلال عندما خطب لأخيه امرأة قرشية فقال لأهلها: نحن من قد عرفتم، كنا عبدين فأعتقنا الله تعالى، وكنا ضالين فهدانا الله تعالى، وكنا فقيرين فأغنانا الله تعالى، وأنا أخطب إليكم فلانة لأخي فإن تنكحوها له فالحمد لله تعالى، وإن تردونا فالله أكبر.

فأقبل بعضهم على بعض فقالوا: بلال ممن عرفتم سابقته ومشاهده ومكانه من رسول الله ، فزوجوا أخاه فزوجوه، فلما انصرفوا قال له أخوه: يغفر الله لك ما كنت تذكر سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله ، وتترك ما عدا ذلك.

قال: فقلت له: مه - اسم فعل بمعنى كف - يا أخي، صدقت فأنكحك الصدق.

قال الترمذي: «والعمل عند أهل العلم في هذا أن شهادة القريب جائزة لقرابته، واختلف أهل العلم في شهادة الوالد للولد، والولد لوالده، ولم يجز أكثر أهل العلم شهادة الوالد للولد، ولا الولد للوالد، وقال بعض أهل العلم: إذا كان عدلا فشهادة الوالد للولد جائزة، وكذلك شهادة الولد للوالد، ولم يختلفوا في شهادة الأخ لأخيه أنها جائزة وكذلك شهادة كل قريب لقريبه» (١).

وما ورد في بعض الأحاديث من عدم صحة شهادة القريب لقريبه فقد قال الترمذي: «لا يعرف هذا من حديث الزهري إلا من هذا الوجه، ولا يصح عندنا إسناده، وكذلك تجوز شهادة الصديق لصديقه. وقال مالك: لا تقبل


(١) الجامع الصحيح للترمذي عند الحديث رقم (٢٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>