للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرح

(ومن قذف جماعة) بكلمة واحدة (ف) عليه (حد واحد يلزمه لمن قام به منهم ثم) بعد ذلك لا شيء عليه؛ أي: لا حد عليه لمن قام منهم لأن الحد في القذف، إنما هو لأجل دفع المعرة عن المقذوف وتكذيب القاذف، فإذا حد القاذف فقد ارتفعت المعرة عن المقذوف وحصل الغرض المطلوب للشارع، وحينئذ لا يحتاج إلى تكرار الحد. ولأن النبي «حد من قذف عائشة لها حدا واحدا مع أنه قذفها والذي اتهم بها (١)، وكذلك قال لهلال بن أمية حين رمى امرأته بشريك: البينة أو حد في ظهرك» (٢) ولم يقل حدان مع أنه رمى المرأة وشريكا، وكذلك حد عمر الله الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة حدا واحدا مع أنهم رموه ورموا المرأة التي زنى بها، ولأن الله تعالى قال: ﴿والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمنين جلدة﴾ [النور: ٤]، ولم يفرق بين واحد أو جماعة ولأنها جناية توجب الحد فإذا تكررت كفى حد واحد كما لو سرق من جماعة أو زنى بنساء أو شرب أنواعا من المسكر.

إن يتعدد سبب والموجب … لهن واحد كفى لهن موجب

ومن كرر شرب الخمر أو كرر (الزنى ف) يلزمه (حد واحد في ذلك كله) لأن الحدود إذا كان جنسها واحدا تداخلت بمعنى اكتفي بإحداها كالأحداث إذا تكررت كان الواجب في جميعها طهرا واحدا، وانظر إلى ما قاله القرافي في «الفروق» (٣).

وقد حكى ابن المنذر الإجماع على هذا فقال: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم منهم عطاء والزهري ومالك وأبو حنيفة وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف والشافعي على أن ما يوجب الحد من الزنا والسرقة والقذف وشرب الخمر إذا تكرر قبل إقامة الحد أجزأ عنه حد واحد اه.


(١) وقد تقدم في جلده للثلاثة: مسطح وحسان وحمنة .
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أنوار البروق في أنواع الفروق (٢/ ٣١)، ط: عالم الكتب، بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>