(ومن عمل عمل قوم لوط)؛ أي: من اقترف جريمة قوم لوط فقد جاء بابا من أكبر الجرائم، لأنها من أشد الفواحش المفسدة للخلق وللفطرة وللدين والدنيا، بل وللحياة نفسها، وقد عاقب الله فاعليها بأقسى عقوبة، فخسف الأرض بقوم لوط، وأمطر عليهم حجارة من سجيل جزاء فعلتهم القذرة، وجعل ذلك قرآنا يتلى إلى يوم الدين ليكون درسا للعباد، قال الله سبحانه: ﴿ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين﴾ [الأعراف: ٨٠ - ٨٤]، وقد أمر الرسول ﷺ بقتل فاعله ولعنه، فعن عكرمة، عن ابن عباس لما أن رسول الله ﷺ قال:«من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل، والمفعول به»(١). ولفظ النسائي:«لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط … ثلاثا»(٢).
قال الشوكاني:«وما أحق مرتكب هذه الجريمة، ومقارفي هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين، ويعذب تعذيبا يكسر شهوة الفسقة المتمردين، فحقيق بمن أتى بفاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين، أن يصلى من العقوبة بما يكون من الشدة والشناعة مشابها لعقوبتهم، وقد خسف الله تعالى بهم، واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم»(٣).
(١) أبو داود (٤٤٦٢ و ٤٤٦٤)، والترمذي (١٤٥٥ و ١٤٥٦)، والنسائي في «الكبرى» (٧٣٠٠)، وابن ماجه (٢٥٦٤)، وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي. وصححه الألباني كما في الإرواء (٨/ ٢١). (٢) النسائي (٧٣٣٧)، وصححه الألباني (٣٤٦٢) (الصحيحة). (٣) نيل الأوطار للشوكاني (٧/ ١٦٧)، باب: من وقع على ذات محرم أو عمل عمل قوم =