آخر) على نحو ثلاث مراحل؛ أي: ثلاثة أيام (وحبس فيه عاما) فإن رجع قبل تمام العام أخرج إليه أو إلى محل آخر مثله في البعد، ليتحقق استيفاء مدة التغريب، ولأنه إن لم يسجن لذهب في البلاد كذا في «المدونة»، للأحاديث السابقة، وحديث زيد بن خالد الجهني ﵁ قال:«سمعت رسول الله ﷺ يأمر فيمن زنى ولم يحصن بجلد مائة وتغريب عام» رواه البخاري من طريق الزهري وزاد في آخره، قال ابن شهاب: وأخبرني عروة: «أن عمر ﵁ غرب ثم لم تزل تلك السنة»(١)، وحديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال «فيمن زنى ولم يحصن ينفى عاما من المدينة مع إقامة الحد عليه»(٢).
قال ابن شهاب:«وكان عمر ﵁ ينفي من المدينة إلى البصرة وإلى خيبر»(٣)، وحديث ابن عمر:«أن رسول الله ﷺ ضرب وغرب، وأن أبا بكر ضرب وغرب، وأن عمر ضرب وغرب»(٤).
والحكمة في رجم المحصن وجلد غير المحصن، أن الأول قد تمت عليه النعمة بالزواج، فإقدامه على الزنا يعد دليلا على أن الشر متأصل في نفسه، وأن علاجه عن تركه صعب، وأنه ليس له عذر في الإقدام عليه وأما غير المحصن، فلعل داعي الشهوة غلبه على ذلك، فخفف عنه الحد، مراعاة لحاله وعذره.
(وعلى العبد في الزنى خمسون جلدة) وفي بعض النسخ خمسين وهي
(١) البخاري (٢٥٠٦). (٢) البخاري (٢١٩٠، و ٦٤٤٤). (٣) البيهقي (١٧٤٢٧) وقال: رواه البخاري عن يحيى بن بكير ولم أقف عليه الآن، هكذا ذكرت في المناهل: ولكن وقفت عليه الآن في البخاري؛ لأنه رواه تعليقا في باب نفي أهل المعاصي والمخنثين، وانظر: فتح الباري (١٢/ ١٥٩) والحمد لله، وانظر: التمهيد (٩/ ٨٨). (٤) أخرجه الترمذي (١٤٣٨) وقال: حديث ابن عمر حديث غريب، رواه غير واحد عن عبد الله بن إدريس فرفعوه، وروى بعضهم عن عبد الله بن إدريس هذا الحديث عن عبيد الله، عن نافع عن ابن عمر، ورواه النسائي في الكبرى (٧٣٤٢)، وانظر: شرح الزرقاني (٤/ ١٨١).