(إلا أن يتوب)؛ أي: وإذا قلنا بأن من ارتد يقتل عند عدم التوبة فلا يبادر بقتله (و) لكن تعرض عليه التوبة لما رواه مالك عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري عن أبيه أنه قال: «قدم على عمر بن الخطاب ﵁ رجل من قبل أبي موسى الأشعري ﵁ فسأله عن الناس؛ فأخبره، ثم قال له عمر: هل كان فيكم من مغربة (١) خبر؟، فقال: نعم، رجل كفر بعد إسلامه، قال: فما فعلتم به؟، قال: قربناه فضربنا عنقه، فقال عمر: أفلا حبستموه ثلاثا، وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله ثم قال عمر: اللهم إني لم أحضر ولم آمر ولم أرض إذ بلغني» (٢). فإن أبى فإنه (يؤخر للتوبة ثلاثا)؛ أي: ثلاثة أيام وجوبا، فإن تاب فلا إشكال وإلا قتل بغروب شمس الثالث، واستدلوا في تأخيره ثلاثة أيام أن الله تعالى أخر قوم صالح لهذا الأجل (٣)، قال تعالى: ﴿تمتعوا في داركم ثلاثة أيام﴾ [هود: ٦٥]، وبقول عمر الأنف الذكر.
وقوله:(وكذلك المرأة) خلافا لأبي حنيفة رحمه الله تعالى حيث قال: إن المرأة تحبس حتى تسلم أو تجبر على الإسلام، وتؤخر الحامل حتى تضع.
وقد تم تنفيذ عدد من أحكام القتل على المرتدين كفعل علي ﵁ بمن ألهوه، وكذلك نفذ أبو موسى ومعاذ ﵄ القتل في يهودي في اليمن، والذي كان قد أسلم ثم ارتد. وفي الحديث: فبعثه على اليمن (أي: بعث
(١) وأصلها من الغرب وهو البعد، أي: خبر غريب يبعد في العادة سماعه. (٢) أخرجه مالك في «الموطأ» (٦٣٢)، قال الزرقاني: محمد المدني «ثقة»، الشرح (٤/ ١٨)، ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي (٨/ ٢٠٦ - ٢٠٧)، كتاب المرتد: باب من قال يحبس ثلاثة أيام، وفي معرفة السنن والآثار (٦/ ٣٠٩)، كتاب المرتد: باب استتابة المرتد، حديث (٥٠٣٢)، وضعفه الألباني في الإرواء رقم (٢٤٧٤). (٣) تبيين المسالك للشيخ الشيباني الشنقيطي (٤/ ٤٧٩).