وإن لم تكن قاطعة على الذي يدعي عليه الدم فهذا يوجب القسامة مدعي الدم على من ادعوه عليه، ولا تجب القسامة عندنا إلا بأحد هذه الوجوه. اه (١).
(وإذا نكل) بفتح الكاف؛ بمعنى: رجع (مدعو الدم) كلهم أو بعضهم عن اليمين في العمد، وكانت القسامة وجبت بقول المقتول أو بشاهد على القتل (حلف المدعى عليهم خمسين يمينا) لقول النبي ﷺ في الحديث السابق بعد نكول المدعين وقولهم: يا رسول الله ولم نحضر فتبريكم يهود بخمسين يمينا ولأحاديث أخرى في الباب، ويحلف المتهم معهم، فحلف المتهم معهم قرينة على جعل عصبة المدعى عليه الذي يستعين بهم مدعى عليهم.
(فإن لم يجد من يحلف من ولاته معه غير المدعى عليه وحده حلف الخمسين) يمينا وبرئ، فإن نكل حبس حتى يحلف، فلا يخرج من السجن إلا إذا حلف (ولو ادعى القتل على جماعة) قال الأقفهسي: يريد وقد نكل مدعو الدم (حلف كل واحد من المدعى عليهم خمسين يمينا) لأن كل واحد من الجماعة مدعى إليه فلا يبرأ إلا بخمسين يمينا.
(ويحلف من الولاة في طلب الدم خمسون رجلا خمسين يمينا) لقوله ﷺ: «أتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم»، ولأنه أحسن ما سمع مالك في هذه المسألة كما قال في «الموطأ»: ولأن كل واحد منهم يحلف عن نفسه إذ لعله الذي كان يقسم عليه، قال الأقفهسي: هذا قول عبد الملك إنه لا يجوز أن يحلف اثنان مع وجود أكثر.
(وإن كانوا أقل) من خمسين رجلا اثنين فصاعدا (قسمت عليهم الأيمان) فالاثنان يحلف كل واحد منهما خمسا وعشرين يمينا.
لما رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أن في كتاب لعمر بن عبد العزيز «أن النبي ﷺ قضى في الأيمان أن يحلف الأولياء، فإن لم يكن عدد عصبته يبلغ خمسين ردت الأيمان
(١) شرح الزرقاني (٤/ ٢٦١)، وانظر: العجالة (٤/ ٣٠٦).