٣ - المرهون به: وينبغي أن يشتمل على أمرين: أن يكون دينا في الذمة يمكن استيفاؤه من الرهن، وثانيهما: أن يكون ذلك الدين لازما أو صائرا إلى اللزوم، كالجعل بعد العمل لا قبله.
٤ - الصيغة: ولا يتعين لفظ في الإيجاب والقبول من العاقدين بل كل ما دل على ذلك أجزأ، لا سيما أن المعاملات لم يتعبدنا الله فيها بألفاظ معينة.
حكم الرهن: بدأ المصنف بحكمه فقال: (والرهن جائز) حضرا وسفرا بالكتاب والسنة والإجماع في الجملة أما الكتاب فقول الله تعالى: ﴿وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة﴾ [البقرة: ٢٨٣]، وإنما خص السفر في الآية لغلبة فقدان الكاتب الذي هو البينة فيه، وأما السنة فقال أنس بن مالك ﵁:«ولقد رهن درعا له عند يهودي بالمدينة وأخذ منه شعيرا لأهله»(١)، فذكره المدينة دال على الجواز حضرا.
(ولا يتم) الرهن (إلا بالحيازة) لقوله تعالى: ﴿فرهان مقبوضة﴾ [البقرة: ٢٨٣] فجعل القبض من صفات الرهن اللازمة له، وذلك بمعنى الشرط فيه فصار حكم الرهن متعلقا بالرهن المقبوض وظاهره أنه يصح قبل القبض، لكن لا يختص المرتهن به عن الغرماء إلا بالقبض، قال ابن الحاجب:«فإن تراخي إلى الفلس أو الموت بطل اتفاقا»(٢). وقال خليل:«وبموت راهنه أو فلسه قبل حوزه ولو جد فيه». اه. والرهن أحد الأمور التي لا تتم إلا بالحيازة منها: الرهن، والهبة، والعمرى، والحبس، والنحلة، والعرية، والإخدام وغيرها.
(ولا تنفع الشهادة في حيازته إلا بمعاينة البينة) قال ابن عمر الأنفاسي: هذا فيما يبان وينقل، وأما إذا رهنه ما لا يبان ولا ينقل، فإن الشهادة تنفع فيه على إقرارهما. (وضمان الرهن)؛ أي: المرهون (من
(١) البخاري (٢٠٦٩ و ٢٥٠٨). (٢) جامع الأمهات (٣٧٧).