وفي لفظ آخر من حديث أبي سعيد الخدري أنه ﷺ قال: « … وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم يقولون: ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرم الله صورهم على النار فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه وإلى أنصاف ساقيه، فيخرجون من عرفوا ثم يعودون فيقول اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون فيقول اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه فيخرجون من عرفوا قال أبو سعيد فإن لم تصدقوني فاقرءوا: ﴿إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضعفها﴾، فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجبار بقيت شفاعتي فيقبض قبضة من النار فيخرج أقواما قد امتحشوا (٢) فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له ماء الحياة فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة وإلى جانب الشجرة فما كان إلى الشمس منها كان أخضر وما كان منها إلى الظل كان أبيض فيخرجون كأنهم اللؤلؤ فيجعل في رقابهم الخواتيم فيدخلون الجنة، فيقول أهل الجنة هؤلاء عتقاء الرحمن أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه، فيقال لهم لكم ما رأيتم ومثله معه» (٣).
ولا يخلد في النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، فالإيمان سبب في عدم الخلود في النار، وسبب في دخول الجنة إلا أن مسببية الإيمان في دخول الجنة مع عفو الله ورحمته ﴿فبذلك فليفرحوا﴾ [يونس: ٥٨]، وما ورد من خلود بعض أهل المعاصي كقاتل النفس المؤمنة بغير حق، ومن انتحر بحديدة
(١) البخاري (٢٢/ ٦١٢٩)، ومسلم في الإيمان باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار رقم (١٨٤). (٢) (امتحشوا) احترقوا واسودوا. (٣) البخاري (٧٠٠١).