ربنا تعالى، ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال، ثم سكت، ثم قال: والله لقد كلفنا ربنا أهون من ذلك، لقد تجاوز لنا عما دون الكبائر، فما لنا ولها، ثم تلا: ﴿إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما﴾ [النساء: ٣١] وخرجه البزار في «مسنده» مرفوعا، والموقوف أصح (١).
ثم قال رحمه الله تعالى:(وجعل من لم يتب من الكبائر صائرا إلى مشيئته ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾).
أي: أن من اقترف شيئا من كبائر السيئات من المؤمنين، ومات غير تائب، فأمره موكول إلى مشيئة الله، إن شاء عفا عنه فضلا، وإن شاء عاقبه عدلا ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ [النساء: ٤٨]، ولحديث عبادة بن الصامت ﵁ وكان شهد بدرا وهو أحد النقباء ليلة العقبة أن رسول الله ﷺ قال وحوله عصابة من أصحابه:«بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه فبايعناه على ذلك»(٢).
وقال ابن عمر ﵄: كنا معشر أصحاب النبي ﷺ لا نشك في قاتل النفس، وآكل مال اليتيم وشاهد الزور، وقاطع الرحم، حتى نزلت هذه الآية: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾، فأمسكنا عن الشهادة.
(١) الرواية الموقوفة أخرجها: البزار كما في «كشف الأستار» (٢٢٠٠)، والطبري في «تفسيره» (٧٣١٤)، وطبعة التركي (٦/ ٦٥٩) قال المعلق على جامع العلوم والحكم: ولم أقف على الرواية المرفوعة لفظا. (٢) البخاري (١/ ١١) (١٨)، ومسلم (٥/ ١٢٦) (٤٤٨١).