للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب كان يضمن الصناع الذين في الأسواق وانتصبوا للناس ما دفع إليهم، وكان ذلك عمل الخلفاء يضمنون الصناع، قال ابن وهب: وأخبرني الحارث بن نبهان عن عطاء بن السائب قال: كان شريح يضمن الصناع والقصار. اه (١).

وهو أصلح للعامة كما في «المدونة» لأن الأصل في الصناع عدم الضمان لكونهم مؤتمنون لأنهم أجراء، وقد أسقط النبي الضمان عن الأجراء عموما، والعموم يحتمل الخصوص، وخصص أهل العلم في ذلك الصناع وأخرجهم من حكم الأجراء في الائتمان وضمنهم نظرا واجتهادا لضرورة الناس إلى استعمالهم، فلو جرى الحكم بعدم ضمانهم لسارعوا لأخذ أموال الناس واجترأوا على أكلها، فكان ذلك ذريعة لإتلاف الأموال وإهلاكها، ولحق الناس لذلك أعظم الضرر لأنهم بين أن يدفعوها إليهم للاستصناع فيعرضوها للهلاك أو يمسكوها مع الحاجة إلى صناعتهم فيضر ذلك بهم، إذ ليس كل أحد يحسن الخياطة أو النسج أو غير ذلك من الأعمال، فكان من النظر المصلحي الحكم بضمانهم إلا ما قامت بهلاكها البينة فحينئذ يسقط الضمان عنهم وإن لم يكن منهم تقصير في الحفظ كما قال القلشاني، وانظر رعاك الله كتاب الأوسط لابن المنذر في ذكر تضمين الصناع، واختلاف الفقهاء في ذلك.

قال ابن رشد: «ومن ضمنه فلا دليل له إلا النظر إلى المصلحة وسد الذريعة» (٢).

(ولا ضمان على صاحب الحمام) قال ابن ناجي: ظاهر كلامه أنه المكري لا حارس الثياب. وقرر ابن عمر الأنفاسي كلامه بعكس هذا ولفظه: صاحب الحمام حارس الثياب سواء كان يحرسها بأجرة أو بغير أجرة، وهذا


(١) المدونة (٦/ ١١/ ٣٨٨) القضاء في تضمين الصناع. والقصار من: (قصرت) الثوب (قصرا) بيضته، مصباح.
(٢) بداية المجتهد (٤/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>