للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة مريم]

قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا﴾

[مريم: ٧١]

اختُلف في تفسير الورود على أقوال:

الأول: الورود بمعنى الدخول، ومستنده من المرفوع:

أ-فيما أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (١٤٥٢٠): حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا غَالِبُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ البُرْسَانِيِّ، عَنْ أَبِي سُمَيَّةَ قَالَ: اخْتَلَفْنَا هَاهُنَا فِي الْوُرُودِ، فَقَالَ بَعْضُنَا: (لَا يَدْخُلُهَا مُؤْمِنٌ)، وَقَالَ بَعْضُنَا: (يَدْخُلُونَهَا جَمِيعًا، ثُمَّ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا).

فَلَقِيتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا اخْتَلَفْنَا هَاهُنَا فِي الْوُرُودِ، فَقَالَ: يَرِدُونَهَا جَمِيعًا. وَقَالَ سُلَيْمَانُ مَرَّةً: يَدْخُلُونَهَا جَمِيعًا. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا اخْتَلَفْنَا فِي ذَلِكَ الْوُرُودِ، فَقَالَ بَعْضُنَا: (لَا يَدْخُلُهَا مُؤْمِنٌ)، وَقَالَ بَعْضُنَا: (يَدْخُلُونَهَا جَمِيعًا).

فَأَهْوَى بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَالَ: صُمَّتَا، إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولَ: «الْوُرُودُ: الدُّخُولُ، لَا يَبْقَى بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ إِلَّا دَخَلَهَا، فَتَكُونُ عَلَى الْمُؤْمِنِ بَرْدًا وَسَلَامًا، كَمَا كَانَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، حَتَّى إِنَّ لِلنَّارِ - أَوْ قَالَ: لِجَهَنَّمَ - ضَجِيجًا مِنْ بَرْدِهِمْ، ثُمَّ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا، وَيَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا».

وعِلته جهالة أبي سُمية (١) كما قال الذهبي في «الميزان» وبهذا أَعَله شيخنا في


(١) قال الحافظ المِزي في «تهذيب الكمال» (٣٣/ ٣٨٥): كان في النسخة التي علقت منها: عن غالب بن سليمان، عن سُمية، عن جابر. وهو وهم في موضعين.
وورد عند الحاكم في «مستدركه» (٨٧٤٤) من طريق كثير بن زياد، عن منية الأزدية، عن عبد =

<<  <  ج: ص:  >  >>