الأصل في هذا الباب قوله تعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٣] ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: ٣٢].
والإجماع الذي نَقَله ابن قدامة في «المغني»(٤/ ٤١٢): ومَن دَخَل في واجب، كقضاء رمضان، أو نَذْر مُعيَّن أو مُطلَق، أو صيام كفارة؛ لم يَجُز له الخروج منه؛ لأن المتعين وجب عليه الدخول فيه، وغير المتعين تَعيَّن بدخوله فيه، فصار بمنزلة الفرض المتعين، وليس في هذا خلاف بحمد الله.
وقال ابن رشد في «بداية المجتهد ونهاية المقتصد»(٢/ ٦٩): واتَّفَق الجمهور على أنه ليس في الفطر عمدًا في قضاء رمضان كفارة؛ لأنه ليس له حرمة زمان الأداء - أعني: رمضان - إلا قتادة، فإنه أوجب عليه القضاء والكفارة. ورُوي عن ابن القاسم وابن وهب أن عليه يومين قياسًا على الحج الفاسد.
وقال ابن عبد البر في «التمهيد»(٧/ ٤٧٠ - ٤٧١): وفي الباب قول الله ﷿: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ وقوله ﵎: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ وليس مَنْ أفطر عامدًا بعد دخوله في الصوم بمُعظِّم لحرمة الصوم، وقد أَبطل عمله الذي أَمَر الله بتمامه ونهاه عن إبطاله، والنهي عن الشيء يقتضي الأمر بضده، وقد قال الله ﷿: ﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾ وهذا يقتضي عمومه، الفرض والنفل كما قال ﷿: ﴿وأتموا الحج والعمرة لله﴾.
وقد أجمعوا على أن المفسد لحجة التطوع أو عمرته أن عليه القضاء، فالقياس على هذا الإجماع إيجاب القضاء على مُفسِد صومه عامدًا- قياسٌ صحيح، وقد ثَبَت