= ورسالته العلمية في الطاهر بن عاشور. ثم رحلتُ إلى المدينة لحفظ السُّنة على يد شيخنا الشيخ يحيى اليحيى حفظه الله، وذلك بعد استشارتي لشيخي الشيخ مصطفى بن العدوي والشيخ محمد بن حسان، فوافقاني على ذلك وباركا الأمر، وكَتَبا توصية للشيخ بي خيرًا، فما كان من الشيخ يحيى حفظه الله إلا أن أحسن نزولنا عنده في المدينة، وابتدأتُ رحلتي المباركة في حفظ «الصحيحين». وكانت طريقته في التحفيظ تمتاز بـ: ١ - الحرص على ضبط المتون والأحاديث مقتصرًا على الصحابي. ٢ - كثرة مراجعة الطالب للأحاديث، وذلك بالاختبارات الأسبوعية التي تُعقَد للطلاب في المسجد النبوي بين المغرب والعشاء من كل خميس. ٣ - وكان وِرد الحفظ اليومي لكل طالب ألا يقل عن عَشَرة أوجه، من كتابه «الجمع بين الصحيحين». فأتممتُ بفضل الله حفظ الأربعة مجلدات في «الجمع بين الصحيحين» ومجلد في مفردات البخاري ومجلد في مفردات مسلم، فأتممت حفظ الستة مجلدات في أربعين يومًا. وكان التسميع يوميًّا على يد الشيخ سالم بعد المغرب من كل يوم، أُسمِّع عليه الأوجه كلها في مجلس واحد، ويعتني باللفظ والراوي الأعلى والترتيب للأحاديث على حَسَب ما رتبه الشيخ يحيى في كتابه، ثم الاختبار الأسبوعي مِنْ قِبَل الشيخ- حفظه الله- كل خميس، ثم أجازني في نهاية الأمر إجازة مكتوبة في حفظ وتحفيظ السُّنة، وأهداني أجزاء منها لتحفيظ الطلبة في بلدتي مصر. وقد عَرَض عليَّ الشيخ يحيى حفظه الله أن أستمر معهم في طلب العلم وفي تحفيظ الطلاب بالمدينة النبوية، لكني آثرت أن ألازم شيخنا مصطفى بن العدوي حفظه الله، فنزلت مصر بعد حجتي حجة الإسلام، وسماع كثير من مشايخ الحرمين الشريفين، كالشيخ عبد المحسن العباد «شرح السُّنن»، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي «شرح بلوغ المرام»، والشيخ إبراهيم الرحيلي في بعض المتون وكتاب الإيمان كاملًا من «صحيح البخاري»، وبعض مجالس الشيخ صالح الفوزان، وكان يعطي لقاءات خلف المَقام، وكان يمتاز مجلسه بالتأصيل العلمي واستخراج القواعد والفروع الفقهية من الآيات القرآنية، مثل آية الدَّين. وقد حصلتُ على عدة إجازات علمية وأسانيد متصلة في «الصحيحين» والسُّنن الأربع، و «شمائل الترمذي» والثلاثيات والمسلسل بالأولية وسورة الصف والمحبة، وذلك في عدة مجالس منعقدة منها بمكة المكرمة، حيث تم سماع السُّنن الأربع على الشيخ ثناء الله والشيخ غلام الله والشيخ نذير حسين، بحضور الشيخ حامد البخاري والشيخ وحيد بن عبد السلام بالي وجمع من طلبة العلم. =